شدد أستاذ العلاقات الدولية والمنظمات الدولية المشارك السابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ومؤسس منتدى الحوار السعودي الأمريكي الدكتور إبراهيم المطرف، على أهمية وضرورة الحوار والتواصل بين المجتمعات والدول.
وأعتبر ذلك، أداة للتعارف والتفاهم، لافتا أن ثورة الاتصالات ساهمت في تعزيز ذلك وسهلت التواصل بين الأمم بصورة أكبر مما مضى.
وقال خلال ندوة بعنوان ”العلاقة بين المسلمين والغرب في ظل التحولات الجارية“ بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف، ان علاقة المسلمين بالغرب متداخلة على مر القرون، باعتبارها علاقة بين مجموعتين فكريتين أثرتا أكبر الأثر في المسيرة الحضارية الإنسانية، حيث وقفتا في وجه بعضهما حيناً، وتعاونتا حيناً أخر، واختلفتا في تبادل الادوار القيادية عبر التاريخ.
وبين، الى ان العلاقة بينهما اليوم لا يمكن فصلها عن تاريخها، بل لا يمكن فهمها إلا في إطار ذلك التاريخ.
وأشار إلى أن حالة الاحتقان في العلاقات بين الإسلام والغرب نالت اهتمام شرائح كبيرة من المثقفين، وقد زاد من ذلك الاهتمام تصاعد حدة المواجهة بين الغرب والجماعات الإرهابية، واتسع نطاق المواجهة على الخريطة العالمية، واتخذت المواجهة هجوما وهجوما مضادا.
وأشار الى انه أدى الى استمرار تصعيد حالة الاحتقان التي زادت عقب احتلال أفغانستان ومن ثم العراق وما تلاهما من هجمات إرهابية في أكثر من مكان ودولة.
وأوضح، أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار القيم الشيوعية، أصبح الغرب ينظر الى الاسلام على أنه البديل للخطر الشيوعي، وبدأ مفكرون كبار يروجون لأيدولوجية الخطر الجديد، ومن بين أبرز هؤلاء برنارد لويس الذي كتب عن الصراع التاريخي بين الاسلام والغرب، وفرانسيس فوكوياما الذي كتب عن نهاية التاريخ، وهنتنتغتون الأكاديمي الأمريكي الذي روج في كتابه ”صراع الحضارات“ لفكرة الصدام الحتمي بين الاسلام والغرب وهي المقولة المؤدلجة التي حظيت بشهرة واسعة في الوسط الفكري والإعلامي الغربي.
وذكر ان الخوف من الإسلام الذي يعيشه الغرب اليوم، والذي اصطلح على تسميته ب ”الاسلاموفوبيا“ لا يعكس مجرد حالة الخوف من المسلم، ولكنه تجاوز ذلك إلى رعب وهلع من الإسلام الذي أصبحت ثقافته في نظر الغرب هي ثقافة الموت والانتحار وإراقة الدماء، وأصبح العالم، وخصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة وكأنه مصاب بغثيان عقلي جعله يكره العرب والمسلمين ويراهم أقواماً من الاشرار والفوضويين.
وأضاف أنه وفقا ل ”لوسيان بيترلان“ رئيس جمعية الصداقة الفرنسية العربية”، فان شعور الأوروبيين يبدو أشبه بحال من يترقب لحظة وقوعه في الاسر الإسلامي، وان أغلب الساسة ورجال الفكر والاعلام في أوروبا يتعاملون مع الاسلام على أنه ظاهرة تتعارض مع مبادئهم، وتهدد ثقافاتهم.
وكدارس للعلاقات الدولية، يعتقد الدكتور المطرف أن الجهود الرسمية لتصحيح العلاقة مع الغرب لا تزال ضئيلة وضعيفة، كما أن عدم مشاركة المجتمع المدني في دعم الجهود الرسمية للحكومات والهيئات يعزز الضعف أكثر، على الرغم من الفرص والامكانيات المتاحة والمتوفرة.
وطالب باستراتيجية شاملة لتطوير مشروع للحوار عبر استراتيجية تدعم سياسات وتوجهات العالم الإسلامي وتكون بقيادة مدنية، ومدعومة بتحرك ودعم دبلوماسي ومالي رسمي.
وأشار إلى أن قيام المجتمع المدني بالدور المناط به في هذا التوجه وبمختلف تخصصات ومهن مكوناته وفئاته وشرائحه يمثل ضرورة ثقافية وحضارية.
ورأى ان نجاح أية استراتيجية للحوار مع الغرب، فلابد من التأكيد على أهمية الرصد والاستقصاء وجمع المعلومات، وإدراك كل الابعاد والمستجدات والتحديات، ومخاطبة الغرب بمنطقه ولغته، وأن نأخذ في الاعتبار العقلية الغربية ونمط تفكيرها، ونلم بأكبر قدر من فهم الواقع الاجتماعي والديني للآخر في الغرب.
وأوضح، أن مسئولية الحوار تقع على كاهل جميع الأطراف من حكومات وهيئات أهلية ومؤسسات مجتمع مدني، وأن يكون العمل في هذا المجال مستمرا ومتواصلا وليس تلقائيا وانفعاليا ومنقطعا.
وأكد وجود ثقة ومجال مناسب لتطور حوار إسلامي – غربي حتى في ظل هذه الظروف الصعبة، وأن سوء الفهم بين الطرفين هو أحد مسببات تغذية التطرف، وأن الطرفين لا يمكن أن يتجاهل أي منهما الآخر، مؤكدا على أن أكثر من شوه صورة الإسلام هم أبناؤه والمنتمين له.