قالت الباحثة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتورة ملاك عابد، إن اكثر من 99% من المادة النووية بين البشر متطابقة، مضيفة، ان الفروق البسيطة هي التي تعطي هذا التميز فبعض هذه الفروق قد تسبب مرضا ما أو قابلية للإصابة بمرض.
واكدت، أن الكروموسومات تحتوي على أنواع مختلفة من الجينات، وأن العلماء يعلمون مثلا أن الكروموسوم رقم واحد يحتوي الجين الذي يعطي قابلية وراثية للإصابة بالملاريا، بينما الكروموسوم رقم 16 يحتوي على الجين الذي يؤثر على لون الشعر.
واستعرضت خلال ندوة بعنوان ”أبحاث الجينوم والأمراض السرطانية والوراثية“ بمنتدى الثلاثاء الثقافي بمحافظة القطيف، المسار التاريخي للأبحاث العلمية المتعلقة بتطور علم الجينات منذ اكتشاف الحمض النووي الحلزوني في منتصف القرن الماضي تبلور مشروع الجينوم البشري عام 2003م.
وأشارت الى طرق قراءة الحمض النووي واكتشاف الجينات المثبطة للأورام، مشيرة الى ان العلماء استطاعوا منذ سنوات فحص بعض الجينات واكتشاف الطفرات فيها المرتبطة بالأمراض مثل الأنيميا المنجلية الذي يصيب نخاع الدم أو مرض التكيس الحويصلي الذي يصيب الرئة والبنكرياس.
وأوضحت أنه خلال السنتين الماضيتين أصبح بإمكان العلماء فحص كامل الشفرة الجينية للشخص – تعرف بالجينوم وهي كامل المادة الوراثية في الخلية – عن طريق قراءة تسلسل الحمض النووي لجميع الجينات «عشرون ألف جين» دفعة واحدة.
وقالت، ان قراءة تسلسل الحمض النووي هي مثل قراءة كتاب حرفا حرفا لاكتشاف أي خطأ إملائي.
وبينت أن عملية التدقيق الإملائي للشفرة الجينية للإنسان تشمل قراءة الكروموسومات وهي قطع وعصيات صغيرة داخل نواة الخلية وعددها 46 كروموسوم تكون على شكل أزواج.
وأشارت الدكتورة عابد أن الحمض النووي «DNA» يشبه السلم الحلزوني ويتكون من شريطين متوازيين من المادة الوراثية، وكل درجة من درجات هذا السلم مرتبطة من الجهتين بأحد الأحماض النووية الأربعة المشهورة «A، T، C، G».
وأضافت أن ترابط هذه الأحماض النووية وترتيبها بشكل تسلسلي ثابت يعرف بتسلسل الحمض النووي، وحسب هذا الترتيب الثابت والتغيرات التي فيه بين فرد وآخر هي التي تعطي التميز بين البشر.
وشرحت طريقة قراءة تسلسل الحمض النووي لأي شخص من خلال أخذ عينة من الدم بحجم ملعقة شاي أو عينة من اللعاب ثم يضاف عليها مواد كيميائية لتكسير جدار الخلية وعزل المادة الوراثية، وبعد معالجتها عبر إذابة البروتينات من حولها عن طريق بعض الانزيمات يتم ادخال هذه العينة الصغيرة في جهاز معقد لقراءة 3 بلايين حرف من حروف الشفرة الوراثية داخل الحمض النووي.
وحول مشروع الجينوم السعودي، أوضحت أن هدفه تحقيق طفرة في نستقبل الرعاية الصحية بالمملكة من خلال العمل على رسم خرائط الجينوم البشري وتكوين قاعدة بيانات للحمض النووي ليستخدمها العلماء في مختلف الأغراض.
ولفتت الى أن المشروع أطلق عام 2013م ويستمر لمدة خمس سنوات في مرحلته الأولى بهدف رسم خرائط الرموز الوراثية لآلاف السعوديين لتحديد التغيرات الجينية الطبيعية والتغيرات التي تسبب الأمراض ومحاولة تطوير وسائل الوقاية منها وعلاجها، وكذلك زيادة المعرفة بأسباب الأمراض الوراثية، مثل أمراض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
وذكرت ان الفحص الوراثي يعتبر خطوة مهمة في تشخيص الأمراض الوراثية حيث تبنى برنامج الجينوم السعودي فكرة ”المندليوم السعودي“ وتقوم على فحص الموروثات الخاصة بأعراض مرضية معينة في خطوة واحدة.
ولفتت الى ان توثيق النتائج المنشورة كما أن هناك 400 طفرة وراثية جديدة في الأمراض الوراثية المختلفة ستضاف للاختبارات التشخيصية الروتينية وهذا فيه اثراء لقاعدة المعلومات الطبية محليا وعالميا.
وأضافت اكتشف الأطباء بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض أن واحدا من كل ألف طفل حديث الولادة بالسعودية مصاب بمرض وراثي مقابل واحد من كل ثمانية آلاف طفل في اليابان.
وبينت ان السعودية تعتبر من أكثر دول العالم في الأمراض الوراثية والسبب هو زواج الأقارب حيث أظهرت آخر الإحصائيات أم زواج الأقارب مثل 63% من مجمل أعداد الزواج.