شارك مجموعة من النقاد الأدبيين والقاصين وجمهور من المتابعين في احتفالية منتدى الثلاثاء الثقافي التي اقامها بمناسبة اليوم العالمي للقصة تحت عنوان “المشهد الثقافي وكتابة القصة” وذلك مساء الثلاثاء ٢٧ جمادى الاول ١٤٣٩هـ الموافق ١٣ فبراير ٢٠١٨م، حيث قدم كل من الاديب والقاص عبد الله النصر ورقته التأسيسية تحت عنوان “القصة القصيرة: نشوئها وخصائصها”، كما عرض القاص والناقد محمد الحميدي ورقته المعنونة ” الادب القصصي في المنطقة”.
وقبل بداية الندوة وضمن الفعاليات المصاحبة لها، تم عرض مقاطع من فلم “ثوب العروس” الحائز على عدة جوائز في مهرجانات فنية مختلفة لمخرجه الفنان محمد سلمان. واستعرض الكاتب والعضو المؤسس في “نادي القصة” الاستاذ موسى آل ثنيان فكرة تأسيس النادي وأهدافه والتي من بينها الإعلاء من شأن القصة لتأخذ مكانا لائقا بها في الأمسيات الأدبية والعمل على صقل التجارب لترتقي بكتابها والمهتمين بها، كما استعرض هيكلية النادي والمبادرة التي أطلقها مجموعة من أدباء ومثقفي المنطقة. كما استعرض التشكيلي فاضل ابو شومي الحاصل على العديد من الدورات التدريبية في بمختلف الفنون استعرض تجربته الفنية من البدايات وتوجهاته التي حاول التعبير عنها من خلال التدريس كمعلم تربية فنية، وقد عرض عدة لوحات من أعماله في معرض فني بالمنتدى للأسبوع الثاني على التوالي.
بدأت الأمسية القصصية التي أدارها الأستاذ حسن شروفنا بحديثه عن الاهتمام المتنامي لدى الكتاب بكتابة القصة وخاصة القصيرة منها، حيث تشهد الساحة نموا مضطردا في حجم المادة القصصية المنتجة، مشيرا إلى أن عقد هذه الندوة من قبل المنتدى يأتي متزامنا مع مناسبة الْيَوْمَ العالمي للقصة. وعرف المحاضران بأنهما من رواد النقد وكتابة القصة، فالكاتب عبد الله النصر من مواليد الاحساء صدرت له سبع مجموعات قصصية وثلاث روايات، وهو عضو في العديد من الجمعيات والاتحادات الأدبية ومثل المملكة في ملتقيات خارجية وعمل محمد للقصة القصيرة. أما الأستاذ محمد الحميدي فهو يعمل في قطاع التعليم وحاصل على ماجستير في الأدب العربي والنقد الأدبي، له تسعة إصدارات منشورة وحصل على عدة جواز أدبية ونشرت له مقالات في صحف ورقية وإلكترونية.
بدأ الناقد الأدبي محمد الحميدي بالتساؤل عن سمات الأدب القصصي في المنطقة فابتدأ بالإشارة إلى سمة النثرية والتميز بالإبتعاد عن أسلوب كتابة الشعر ذي الخصائص المميزة، معتبرا ذلك سمة إيجابية ومستعرضا نماذج من روايات كتبها ممارسون للكتابة الشعرية. وبين أيضا أن من سمات الأدب القصصي هي الاستطرادية حيث يأخذ الكاتب في الحكي ووصف الأحداث ثم يتوقف عند نقطة سلبية كأن تكون عيبا اجتماعيا فيأخذ حينها زمام المبادرة ويعمل على توزيع النصائح على القارئ.
وأضاف الناقد الحميدي أن سمة التكرار ظاهرة في العديد من الأعمال الأدبية، حيث يعمد القاص إلى إدراج الأحداث في روايته ولكنه يضع نقاط التقاء بين الفصول المختلفة والأحداث المتوزعة تتمثل في عبارات مكررةومتشابهة تؤدي وظيفة معينة. وتطرق في حديثه إلى بعض السمات البنائية والتركيبية وإشكالياتها في العمل القصصي كنمو الشخصيات داخل الرواية بصورة غير نموذجية، واستعرض كذلك أفق المتوقع وخداع القارئ من قبل المؤلف حيث لا يعتمد على العناصر الفنية الحاكمة للنوع الأدبي. وقال الناقد الحميدي أن كتابة القصة القصيرة جدا هو نوع جديد على الساحة الثقافية ويمثل إشكالية بسبب عدم وضوح سماته وقوانينه، وأوضح أن هذا الفن لا يزال في بدايته وفيه الكثير من الأخطاء، مستعرضا نماذج من كتاب القصة القصيرة جدا وإصداراتهم المختلفة.
انتقل الحديث بعد ذلك للكاتب عبد الله النصر الذي تطرق للحديث عن نشأة القصة القصيرة وبداياتها في المنطقة العربية على أيدي بعض الكتاب الرواد على رأسهم يوسف إدريس ومحمد بوزفو وزكريا تامر وغيرهم، وعن طريق ترجمة بِعض القصص الأجنبية أيضا. وتعرض النصر تعريفات مختلفة للقصة القصيرة ومنها أنها نص أدبي نثري يعمل على تصوير موقف معين أو عور إنسان بشكل مكثف لتحقيق مغزى معين، وواصل حديثه حول خصائص القو القصيرة ومنها الوحدة ومعناها التركز على فكرة واحدة أو هدف واحد، والتكثيف وهو التوجه بشكل مباشر إلى هدف القصة ومبتغاها، والدراما وتعني المزج بن الحرارة والحيوية والديناميكا في القصة.
ثم انتقل للحديث عن عناصر القصة القصيرة، فتناول بالتفصيل عناصرها العشرة وهي الحادثة، السرد، البناء، الشخصية، الزمان والمكان، الفكرة، الموضوع، اللغة، الأسلوب الفني، والحوار. وفرق المحاضر بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا بأن الأخيرة تكون ذات تكثيف كبير ومركز وبليغ وعادة لا تلتزم بعناصر الحدث وتبدأ متأزمة ومفاجأة وتنتهي كذلك. وحول وضع القصة القصيرة في المشهد الثقافي اليوم، أوضح الأستاذ عبد الله النصر أن أكثر كتاب اليوم يَرَوْن بأن القصة كشعر النثر يجب أن تتخلص من قواعد العناصر الأساسية والكتابة بحرية تامة لأن ذلك هو الأنسب لإخراج الفكرة، بينما لا تجد فيها الروح الحركية الفعالة المتوخاة. بعد ذلك شاركت القاصة اميرة الحوار بإلقاء مختارات من أعمالها القصصية، حيث تنوعت مختاراتها القصصية وأساليبها، وامتعت الحاضرين بذلك باعتباره مادة تطبيقية للحديث النقدي الذي سبق.
في بداية المداخلات، انتقد الاستاذ علي الحرز الطريقة التي يختارها بعض الادباء في انتظار تقييم الغربيين للانتاج الادبي والاعتراف به، مع ان هناك اعمال جبارة يهملها قارؤوها الى ان يتبناها ناقدون او أدباء غربيون فتبرز أهميتها. ولاحظ الاستاذ موسى ال ثنيان الخلط ان الاستاذ الحميدي استعرض عدة اعمال للقصة بينما ركز على عملين روائيين فقط مما فد يفسر بوجود تحفظ لديه على العمل الروائي.
وذكر الاستاذ عادل جاد ان عامل التأثير على القارئ يعتبر من السمات المهمة لأي عمل قصصي وان الخاتمة الصادمة في القصة القصيرة ينبغي ان يكون منسجما ومتوافقا مع سياق العمل في القصة، مؤكدا على ان وسائل التواصل التقني قد غيب علاقات التميز بين المركز والاطراف في المنطقة العربية بالصورة التي كانت عليه سابقا. وقال الاستاذ علي الشيخ ان مصطلح “كسر افق التوقع” لدى المتلقي يعتبر من العناصر المهمة التي تميز بعض الاعمال الادبية عن غيرها. وتساءلت الدكتورة نضال النصر عن النتاج الذي يتركه الفوز بالجوائز على الادبية على مستوى الكتابة وتطورها، وبينت ان الاديب والكاتب مسئول عن ايصال مشروعه للافق العالمي بالتعاون مع بقية زملائه دونما انتظار من جهات اخرى ان تقوم بهذا العمل نيابة عنه.
التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة:
كلمة الأستاذ موسى الثنيان (نادي القصة):