في أمسية فنية متخصصة التقى فيها جمع من الفنانين والخطاطين، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة فنية تعنى بالخط العربي تحت عنوان “فنون الخط العربي ومناهجه” شارك فيها كل من الاستاذ عبد الله المحمد صالح العضو المؤسس لدار الخط العربي بالاحساء والأستاذ ابراهيم الزاير رئيس جمعية الخط السعودية، وذلك مساء الثلاثاء ١٠ جمادى الاولى ١٤٣٨هـ الموافق ٧ فبراير ٢٠١٧م.
وقبل بداية الندوة، خصص المنتدى فقرة للفعاليات المصاحبة تحدث فيها الخطاط علي سواري رئيس جماعة الخط العربي بالقطيف حول نشاط الجماعة وفعالياتها وبرامجها، موضحا ان الخط العربي يلقى اقبالا متزايدا في المجتمع، وأن الجماعة تهدف إلى التوعية الاجتماعية بهذا المجال وتقديم برامج ودورات وورش تدريبية متخصصة في الخط العربي. وقال ان الجماعة تستضيف فنانين وخطاطين من داخل المملكة وخارجها، ويستقطب عملها اهتمام مختصين من الدول العربية وغيرها، كما تشارك في معارض وفعاليات محلية وعربية حول الخط العربي.
أدار الندوة عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة، وتحدث في مقدمته عن فن الخط العربي وعراقته وعن الدور الذي يلعبه المنتدى في تنظيم ندوات وفعاليات تركز على الفنون بأشكالها المختلفة لما لها من تأثير في تحسين الذائقة الفنية وابراز الكفاءات والمواهب المحلية الذين يستحقون كل التقدير على جهودهم. وانطلق الأستاذ عبد الله المحمد صالح في حديثه حول الخط العربي وتاريخ تطوره باعتباره أحد أشكال الفنون الجميلة، رابطا ذلك بالتطور الذي مرت به اللغة العربية وتشكلاتها المختلفة. وأوضح المحمد صالح أن فن الخط العربي اقترن بالقرآن الكريم أيضا من ناحية التأثير الفني المتبادل حيث أنه يحمل جنسا خاصا به، مبينا أن المراسيم المتبعة متشابهة بين الخطاطين والقراء، بحيث يعطى الخطاط إجازة بالخط كما المقرئ وأن الخط العربي كان من الدروس التي يتم تعليمها في المساجد ودور العبادة.
وأوضح الأستاذ عبد الله المحمد صالح أن علم الخط العربي متداخل مع علوم أخرى كالهندسة في رسم وتشكيل زوايا وأشكال الحرف، ومع الكيمياء في التحبير ومشتقاته. وحول اهتمامه بالحروفيات العربية، بين المحمد صالح أنها انطلقت من العراق واستخدمت في بلاد المهجر كوسيلة تواصل ولحفظ الهوية العربية في المجتمعات الغربية، مستعرضا تجربة الفنان العراقي حسن المسعود الذي انتقل الى فرنسا ودرس فيها الفنون الجميلة وتفرغ للخط العربي وتوسع في كل مايرتبط به من صناعة الأحبار والورق والحروف. وبين من واقع تجربته وخبرته أن الحرف العربي كائن حي ومطواع ومرن، وهو لا يكتمل مطلقا بل أن جماله في نقصانه. وقارن بين تطور فن الخط العربي في المشرق والمغرب، موضحا أن المغاربة أضافوا لمسات جمالية على الخطوط إلا أن المشارقة كانوا أكثر براعة وإتقانا لكون اللغة العربية أصيلة لديهم. وأوضح أن أشهر الخطوط المعروفة هو المجوهر، وأن خط المبسوط يعتمد كثيرا على الكتلة الجمالية في النص، وأنه يمكن استخدام خامات متنوعة في فن الخط العربي وهي تتطور صناعيا وتقنيا من مرحلة إلى أخرى كما هو الحال في الأحبار أيضا.
تحدث بعد ذلك الاستاذ ابراهيم الزاير موضحا أن فن الخط العربي ساهم في تطويره العديد من العلماء والفنانين على مر العصور، وخاصة في مراحل انتقال الحروف من الصور الى الأشكال، فالصورة كانت تمثل الدلالة على التواصل بين الناس ثم تم الانتقال إلى الحروف ثم الصوتيات. وقال أن الحركات تطورت على أيدي علماء وضعوا أصول الحرف ولهم الفضل الاول على من تبعهم من خطاطين وفنانين، ومن أمثال علماء اللغة المعروفين أبو الأسود الدؤلي وسيبويه والفارابي الذين وضعوا الحروف والتشكيلات وأصولها. وأوضح الزاير أن العالم ابن مقلة تربع على عرش فن الخط ووضع الخط المنسوب عموديا وأفقيا، حيث كانت الخطوط قبله بدون نسب، ولحقه ابن البواب في مرحلة أخرى أيضا حيث كانا رائدي أسس وقواعد الكتابة والخط المقعد طوال الفترة من القرن الثالث حتى السادس الهجري. وأضاف أنه في مراحل لاحقة برز تأثير خطاطي الدولة العثمانية على فن الخط العربي، وخاصة مع ظهور فناني النهضة في أوروبا وانتشار الآلات التي تكرر الطباعة باستخدام القوالب وبجودة عالية.
وانتقد الاستاذ ابراهيم الزاير عدم اهتمام العرب كثيرا بالخط العربي في مقابل الأمم الأخرى كالأتراك والفرس مع أن العربية ليست لغتهم، موضحا أن تركيا تحتضن الآلاف من المتاحف والمراسم المتخصصة في فنون الخط العربي الرسمية والأهلية والمدعومة من الشركات، وأن لوحات الخط العربي تعتبر لديهم من المقتنيات القومية، بينما لا تجد شبيها لذلك في منطقتنا العربية. تداخل في البداية الاستاذ صالح الحداد شاكرا المتحدثين والمنتدى على تنظيم هذه الأمسية الفنية متسائلا حول فن الحرفيات العربية وعما إذا كان مرتبطا بالخط المنسوب أو المقعد، وعبر الفنان عبد العظيم الضامن عن اهتمامه بسلوك الخطاطين مقابل بقية الفنانين في مجال مفهوم التلمذة على أيدي من سبقهم الذي يقر به جميع الخطاطين، وكذلك مفهوم الإجازة التراتبية حيث يجيز الفنان الأسبق من يتتلمذ على يديه.
وتساءل الأستاذ حسين الزاير عن المشاريع والبرامج الفنية المقبلة في هذا المجال باعتبارها مادة ثرية للمجتمع والمهتمين، وعلق الفنان ميرزا الصالح بأن البعض يتعاطى مع الخط العربي بشكل نقلي مما يضعف المهنية مشيرا إلى أن تدريس منهج الخط العربي في المرحلة الابتدائية يوكل لأشخاص غير مؤهلين مما يجعل تفاعل الطلبة مع الخط محدودا للغاية.وطالب الاستاذ عبد الله شهاب جماعة الخط العربي بان يكون لها دورا اعلاميا اكبر لتعريف المجتمع بنشاطهم وبرامجهم من أجل الإسهام في تنمية الوعي بفن الخط العربي وجمالياتها، وأكد الاستاذ حسن الزاهر على أهمية الوقوف مع الفنانين ومساندتهم كي يتمكنوا من تقديم أفضل مالديهم من ابداعات، ودعا الاستاذ جهاد القريش إلى تكثيف إقامة المعارض للخط العربي.
المحاضرة الكاملة:
كلمة جماعة الخط العربي بالقطيف (الأستاذ علي السواري):