قضايا الصم والبكم على طاولة منتدى الثلاثاء الثقافي

4٬540

أمسية إنسانية تلك التي تركزت حول قضايا الصم والبكم في المجتمع والتي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 26 ربيع الثاني 1438هـ الموافق 24 يناير 2017م، وشارك فيها محاضران من فئة الصم والبكم وهما الأستاذ زكريا آل جمال والأستاذ هاشم العلي، وكانت تحت عنوان “فئة الصم والبكم: الظروف والحاجات”. وأدار الندوة الأستاذ محمد المحسن رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى، حيث أكد على أهمية الالتفات لمثل هذه القضايا الحقوقية لفئة من أبناء المجتمع منوها بأن المنتدى خصص عدة ندوات تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة وقضاياهم المتعددة.

قبل بدء الندوة، تم عرض فلم “أنين الصمت” الذي صور جانبا من معاناة هذه الفئة الاجتماعية في تعاملها مع مختلف الجهات والمؤسسات الخدمية كالمستشفيات وغيرها، وصعوبة التواصل مع الأشخاص الناطقين. وتحدث مترجم اللقاء بلغة الإشارة الأستاذ فؤاد الحمود عن أن هناك حوالي 710 ألف أصم في السعودية من هذه الفئة هم في حاجة إلى وجود برامج ومترجمين متخصصين حتى يساعدوهم في مواجهة المصاعب التي تقف أمامهم في حياتهم اليومية، موضحا أن لغة الإشارة لا تفي في التواصل الفعال بين هذه الفئة والناطقين في المجتمع لكون اللغة العربية لديهم ضعيفة جدا، واعتمادهم يتركز على لغة وصفية أكثر منها علمية، مما يجعل ترابط المعاني أمرا ليس يسيرا، مقترحا تشكيل غرفة عمليات للترجمة المتخصصة على مستوى المملكة لمساعدة هذه الفئة.

وبدأ الحديث الأستاذ زكريا آل جمال موضحا بعض مشاكل وظروف فئة الصم، قائلا إن أعضاء هذه الفئة متفاوتون في المستويات وبينهم أشخاص متميزون وذوي قدرات عالية. وبين أن من أبرز المعوقات التي لديهم هي ضعفهم في مستوى اللغة العربية بسبب أنماط التعليم التي لا تؤهلهم بصورة جيدة لتعلمها، مما يؤدي إلى صعوبة في التواصل مع الناطقين حتى باستخدام وسائل التقنية الحديثة. وأوضح أنهم يواجهون مصاعب كثيرة في حياتهم اليومية كالعمل وغيره مما يتطلب منهم طلب الاستعانة بمترجمين ولكنهم غير متوفرين بما فيه الكفاية، وليسوا موجودين طوال الوقت، معبرا أن هذه الحالات تسبب التوتر لدى أفراد هذه الفئة حين يجدون أنه يتم التعامل معهم مثل الجمادات أحيانا. وواصل في توصيفه للمشاكل، بأنه على الرغم من أن أعداد هذه الفئة كبير في المجتمع، إلا أن المعلومات التي تتوفر لهم محدودة وضعيفة بسبب عدم اختلاطهم وتواصلهم الفعال مع بقية فئات المجتمع، مؤكدا على أنهم يعانون من مشاكل كثيرة أبرزها عدم وجود مركز متخصص لرعاية فئة الصم والبكم يساعدهم على تنمية قدراتهم وتسهيل دمجهم في المجتمع.

وأضاف الأستاذ زكريا آل جمال أن جزءا من المشكلة تقع على طريقة التربية التي عاشوها حيث أن الوالدين لا توجد لديهم الأسس التربوية السليمة للتعامل مع متطلبات هذه الفئة، مما يسبب أحيانا نفورا منهم. وطالب بضرورة تطوير وسائل التعليم عبر توفير مترجمين ومعلمين أكفاء وذوي تأهيل مناسب، مستعرضا تجربته الشخصية حيث ولد في بيت مع أخ له أصم أيضا، ولم يجدوا بدا إلا الدراسة في المدارس العامة وكانوا يقلدون ما يكتب لهم دون أي فهم أو معرفة، وضاعت عليهم سنوات دون أن يستفيدوا شيئا إلى أن بدأ في تعلم لغة الإشارة وبدأ في التواصل مع المجتمع، ويتذكر بأنه عندما تعلم أيام الأسبوع كان ذلك فتحا عظيما في حياته.وواصل آل جمال حديثه باستعراض نماذج من المصاعب الحياتية كالحصول على خدمات في حال الطوارئ مثلا وفي أوقات متأخرة من الليل، وعدم قدرتهم على إيصال مطالبهم وقضاياهم لصناع القرار، وعدم جود مراكز رعاية خاصة لأسر الصم، وضعف كفاءة المعلمين، وغياب القوانين التي تحفظ حقوق هذه الفئة في التعليم والتوظيف. وختم حديثه بالقول إن عددنا حوالي 450 شخص أصم من الجنسين في محافظة القطيف، ولدينا رغبة في أن نعيش حياة طبيعية وأن نساهم في خدمة وتطوير مجتمعنا وفي مساعدة الآخرين، لكننا لا نشعر بأن أمامنا فرصا متساوية مع الآخرين.

تحدث بعده الأستاذ هاشم العلي الذي قال بأننا متعودون على الكلام داخل مجتمعنا المغلق والخاص، وقليلة هي الفرص المتاحة أمامنا بأن نتحدث للعموم شاكرا منتدى الثلاثاء الثقافي على إتاحته هذه الفرصة لهم للتعبير عن قضاياهم ومطالبهم. وأوضح أن فئة الصم يعانون من صعوبات فكرية لقلة المعارف لديهم وبسبب ضعف أساليب التعليم، وأن ضعف وصعوبة التواصل مع المجتمع يقودنا إلى المزيد من التوتر النفسي. واستطرد في حديثه عن تجارب بعض النماذج المتميزة في مجالات الدراسة الجامعية وخاصة من تم ابتعاثهم للخارج لمواصلة دراستهم، موضحا أنه لا توجد كليات محلية تقبل انضمامهم لها. وأوضح الأستاذ العلي أنه حتى الشركات الخاصة لا توفر ظروفا ملائمة أو فرصا مناسبة لهذه الفئة في مجالات العمل، فالأعمال التي يحصلون عليها عادة ما تكون هامشية وبسيطة. وذكر أنموذج الطالب المبتعث حسين الشبركة الذي تفوق في دراسته على الطلبة الناطقين ويواصل الآن دراسته العليا وأصبح مسئولا عن الطلبة في جامعته. ومن إنجازات هذه الفئة أيضا أن مركز الصم والبكم بالقطيف حقق بطولات رياضية على مستوى المملكة لست سنوات متتالية، وله مشاركات على مستوى الخليج أيضا.

وبيّن أن مسئولية المجتمع تجاه هذه الفئة تلزمه تعلم لغة الإشارة وكذلك توفير أعداد مناسبة من المترجمين، وإتاحة فرص مناسبة للتعلم والعمل. بدأت المداخلات بتأكيد راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب على أهمية هذه الندوة في بعدها الإنساني للتعرف مباشرة على احتياجات أعضاء فئة الصم والبكم، ومشاكلهم الحياتية، مشيرا إلى أهمية العمل الجماعي لتأسيس مركز لرعاية الصم والبكم في المحافظة يساهم في تنمية قدرات أعضاء هذه الفئة والتوعية بقضاياهم. وتحدث أحد أعضاء المجموعة وهو الأستاذ عبد الحكيم السعيد مؤكدا على أن الضعف في الكتابة لدى أفراد هذه الفئة ناتج عن ضعف التعليم مستشهدا بأحد زملائه المبتعثين لأمريكا والذي أتقن اللغة الإنجليزية بشكل متميز خلال سنتين فقط من دراسته بينما لا يزال ضعيفا في اللغة العربية.

وتحدث الأستاذ منتظر الصفار عن توصيف هذه الفئة بأنها أصحاب التحديات الخاصة وليست الاحتياجات الخاصة، متسائلا عن مدى استخدامهم للتقنيات الحديثة لتقليل الفجوة بينهم وبين المجتمع. وتحدث الأستاذ مهدي الفرج – وهو أصم – مدافعا عن فئة الصم بأن وضعهم ليس معيبا، منتقدا سوء الخدمات المتوفرة لهم وعدم توفر أدوات تواصل مناسبة، مطالبا بدور فعال للجهات البلدية في تحقيق مطالبهم كما وعدوا. وتناول عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة ضرورة القيام بمبادرات اجتماعية تساهم في التخفيف من حاجات هذه الفئة، مطالبا إياهم أيضا بنشر لغة الإشارة وتعليمها لفئات اجتماعية أوسع لتسهيل التواصل معهم.

وأكدت الأستاذة حكيمة الجنوبي على تعزيز المطالبات الاجتماعية وإيصالها للمسئولين بحيث تعالج احتياجات فئة الصم والبكم، وخاصة في زيادة أعداد معلمي لغة الإشارة. وطالبت الأستاذة مريم الماء بضرورة ادماج مادة لغة الاشارة في مناهج التعليم للعناية بهذه الفئة، كما تساءل الأستاذ عبد الله شهاب عن مشروع الامير سلطان للإعاقة السمعية والبصرية، وحول دور المجتمع في خدمة هذه الفئة من خلال المؤسسات الرسمية. وانتقد الأستاذ عبد الجليل العبد النبي – وهو من فئة الصم – دور الإعلام السلبي تجاه هذه الفئة مع أن دوره مهما في إيجاد قنوات تواصل مع المجتمع، مشيرا إلى قلة الأخبار التي تنشر حولهم وحول معاناتهم في السفر والتعليم والعمل، وعدم وجود فرص مناسبة أمامهم، مطالبا بأن تدعم كل الجهات حقوق ومطالب هذه الفئة.

والجدير ذكره أن المنتدى وكعادته الأسبوعية، استضاف مجموعة نخبة العلاج الوظيفي كمبادرة أهلية واجتماعية تعنى بالتثقيف في مجالات العلاج الوظيفي كتخصص طبي تطبيقي يركز على زيادة استقلالية المريض. وتحدث عن المجمعة الأستاذ منتظر الصفار موضحا أن المجموعة تتألف من 67 عضوا من مختلف الدول العربية وقامت بالعديد من الفعاليات والأنشطة التوعوية والزيارات الميدانية لتحقيق أهدافها. كما تحدث في فقرة الفعاليات المصاحبة أيضا الفنان سلمان الأمير عن تجربته الفنية في رسم البورتريه والذي ركز فيها على اختيار شخصيات عالمية ساهمت في تحقيق منجزات إنسانية، معبرا عنها بأنها تجربة مليئة بالمتعة والمغامرة وأن الرسم رياضة فكرية للحفاظ على الصحة الذهنية للإنسان، موضحا أن الفن ليس للموهوبين فقط.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

التقرير على اليوتيوب:

 

المحاضرة الكاملة:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد