الشباب يتحاورون حول التسامح في منتدى الثلاثاء

3٬830

بمناسبة اليوم العالمي للتسامح واليوم العالمي للشباب، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي لقاءا حواريا شبابيا تحت عنوان “التسامح من منظور مجتمعي” شارك فيها الكاتبان الشابان علي سليس ومجتبى عمير وذلك مساء الثلاثاء 15 صفر 1438هـ الموافق 15 نوفمبر 2016م. وكرم المنتدى ضمن الفعاليات المصاحبة للندوة الفنانة أنفال الفرج التي نظمت معرضا فنيا فيه والأستاذة عبير جليح الفائزة بالجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للأعمال الفنية والإعلام لفلمها “مفاتيح الزمن”.

أدار الأمسية الأستاذ محمد المحسن رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى، حيث تحدث حول أهمية التسامح وعمق معانيه ودوره في المساهمة في تعزيز القبول بالآخر وحماية حقوقه، ولكون الشباب هم أكثر الفئات ملامسة لهذه القضية وتفاعلا معها، ولقدرتهم على ان يكونوا جسرا متماسكا بين الأجيال للتخفيف من حدة أزمات الصراع والتوتر، ويقع عليهم دورا كبيرا في تكريس هذا المفهوم، فإن مشاركتهم في هذا الحوار يعزز من تعميق مفهوم التسامح وتطبيقاته العملية.

بدأ الأستاذ مجتبى عمير حديثه بتفكيك مفهوم التسامح والفهم السائد في المجتمع حوله، منطلقا من الحديث عن حدة الأزمات القائمة في المجتمع كالطائفية والكراهية والتعصب والتشدد وكونها معيقة لاستقرار المجتمع وتقدمه. وتحدث عن مسئوليات الشباب في هذا المجال والتي من أبرزها المساهمة في خلق مجتمع أفضل وأكثر انسجاما وتماسكا للوقوف أمام المشاكل والتحديات التي تتراكم بصورة مستمرة وذلك من خلال تقديم مقاربات ومساهمات إيجابية وعملية.

وأضاف أن العمل على تعميق التسامح في المجتمع يعتبر من الأولويات الضرورية، مستندا على تعريف اعلان مبادئ التسامح الذي أصرته اليونسكو بأنه “الانسجام داخل الاختلاف” ومفسرا إياه بأن نختلف دون أن نكره أو نعادي بعضنا بعضا. وأوضح عمير بأن التسامح منشؤه التفاهم بين مختلف الأطراف الذي ينتج عن فهم كيفية فعل وتصرف الآخرين بحيث يساهم ذلك في تصحيح الصور النمطية والأحكام المسبقة.

وبين أن الطريق إلى التفاهم يأتي من عدة سبل أبرزها ممارسة النقد الذاتي ومعالجة وهم التفوق والشعور بالنقاء، وإعادة النظر في السلوكيات الذاتية باعتبارها حالة قد تكون مماثلة مما لدى الآخرين، وينتج عن ذلك تخفيف حدة النظر اتجاه الاخر، والشعور بمستوى مقارب في التجربة الإنسانية. وأضاف أن التعايش الناتج عن التسامح والتفاهم يتميز بعلاقات أكثر انسجاما وعمقا.

وقال أن من طرق التفاهم تعزيز ونشر مفاهيم المجتمع المدني وتطوير المشاريع المدنية البينية المشتركة، وكذلك التعريف المناسب بالنفس على المستوى الشعبي وليس النخبوي حيث أن الأوساط النخبوية تتحفظ احيانا في إبراز مواقفها وآرائها الصريحة بسبب جمهورها. كما أكد على أهمية التعارف على بَعضنَا البعض بشكل مباشر من خلال تشكيل فرق شبابية تقوم بالتعريف بمجتمعاتها وثقافتها عبر اصدار بعض الوثائقيات المناسبة.

أما الأستاذ علي سليس، فقد طرح في كلمته العديد من الاستفهامات الغير محسومة حول التسامح وأثره وموقعه في الحياة العامة، فأشار إلى علاقة القوة أو الضعف بسلوك التسامح متسائلا أن الضعيف عادة – فردا أو جماعة – هو من يبدي استعدادا أكبر للتسامح، وأن التسامح تعتبر في بعض الأحيان سمة ترتبط بالزمن القديم والأجيال السابقة متسائلا عن الأسباب التي قد تجعل من قيمة التسامح تبدوا أقل مما كانت سابقا، هل هو زيادة وعمق الوعي أم التحولات الاجتماعية أم غيرها. كما تساءل أيضا عن أن “البسطاء” يبدون أكثر استعدادا للتسامح من الواعين أو الطبقات المتنفذة.

وناقش سليس أيضا دور الأديان في تأكيد مفهوم التسامح من خلال النصوص المكررة التي وردت في مختلف المصادر الدينية مستعرضا نصوصا من الكتب المقدسة لدى أتباع هذه الديانات. وأكد أنه ليس هناك دين لا يدعو للتسامح باعتباره صفة فطرية، مبينا بأن هناك جدلا كبير حول قراءة النصوص الدينية لدى المسلمين حول أفكار التطرف وتعارض ذلك مع الدعوة إلى التسامح. ودعا في حديثه إلى ضرورة ممارسة نقد الذات للتخلص من الأفكار والسلوكيات المعيقة للتعايش، مستشهدا ب “رسالة التسامح” لفولتير التي نقد فيها الممارسات الكاثوليكية معتبرا إياها بأنها طائفية وإقصائية – مع أنه من المنتسبين لها – وأثر ذلك في المجتمع الأوروبي حيث اعتبر التطرّف والطائفية من الممارسات الدخيلة على الأديان.

وطرح الأستاذ عبد الله سليس بأن مجتمعاتنا تعاني من حالة النرجسية ولا تقبل بممارسة حالة النقد الذاتي، مما يعني إحالة كل مشاكلها وعثراتها على مسببات خارجية أو البحث عن تبريرات للواقع السيئ. واستشهد بتجارب مجتمعات أخرى كحال المواطنين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة الأمريكية، أو المعالجات التي قامت بها السلطات الأسترالية لقضية السكان الأصليين فيها والاعتذار لهم. وشدد على ضرورة ترسيخ التسامح كقيمة عابرة بين المجتمعات الانسانية مع أنه قد لا يكون كفيلا بمحو التجارب السيئة.

بدأت مداخلات الحضور بمعارضة من الأستاذ صالح العمير حول علاقة التسامح بزيادة الوعي حيث قال بأن هناك حالات في مجتمعنا المحلي تزداد فيها الخصومات بدلا من التسامح مع ازدياد الوعي في المجتمع. واستدرك راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بالتأكيد على أن مفهوم التسامح هو مشروع استباقي يهدف الى استقرار العلاقات الإنسانية والاقرار بحق الاختلاف والدفاع عنه، ولا يفهم منه أنه حالة من الغفران والاعتذار عن الخطأ، مشيرا إلى أن هناك مجتمعات تعيش حالة من الاستقرار إلا أنها تتعاطى مع مفهوم التسامح كبرنامج استراتيجي لاستقرار المجتمع.

وناقشت الأستاذة صديقة المهدي مفهوم التسامح من خلال الحاجة للتعريف بالذات أولا حتى يتمكن المجتمع أو الفرد من القدرة على التعاطي الإيجابي مع الآخر المختلف بوضوح وانسجام، ويضع نفسه ضمن سياق الذات المنفتحة على الآخر. وعلق الأستاذ حسن جميعان على أن ضعف التسامح في المجتمع تكمن في غياب قيمة الحوا ر ووجود سقوف معينة تحد من التفاعل الإيجابي بين المختلفين. وهو ما ذهب إليه الأستاذ علي العباس في تعليقه بأن الحوار لن يكون ذا قيمة مالم يتوفر قبولا بالطرف الآخر.

وطرح الأستاذ مهدي بزرون قضية دور النخب في تكوين الرأي العام والسلوكيات في المجتمع بحيث يمكن أن يكون متسامحا او متعصبا، مشيرا إلى قوة المنبر كون بعض الخطباء متعصبون وينتجون حالة تعصب. وقال الفنان جعفر الغريب أن الحوار يرتكز على التربية والتنشئة السليمة حتى يتصالح الفرد مع ذاته، مؤكدا على أهمية وعي المربين وقدرتهم على التأثير الإيجابي في أبنائهم، ومنوها إلى ضرورة توفر مساحة من الحرية لئلا يتم الإجبار على التسامح. وأكد الأستاذ علي الحرز على فكرة فطرية الإنسان واستعداداته الإيجابية كما تناولها جان جاك روسو.

وأضاف الأستاذ علي الزريع أن مناهج التعليم يمكن أن تساهم تربويا في تعزيز اتسامح، وتحدث الأستاذ زكي البحارنة حول العوامل المساعدة لغياب التسامح في المجتمع بسبب التحولات الاجتماعية التي تتغير من عصر لآخر، وأنه من أجل تعزيز التسامح في المجتمع فإنه ينبغي وجود مجموعة مؤمنة به، كما يلزم أيضا تعزيز سيادة القانون. وأكدت الأستاذة عبير جليح على دور الأسرة في تعزيز التسامح من خلال تأكيد الحب والعطاء والإمتنان، كما قالت بأن النقد الذاتي قد تكون له آثارا سلبية لأنه قد يساهم في تحطيم الذات.

وقال الأستاذ عبد الله ابو عزيز أن المجتمعات الإسلامية تتعمق فيها الصراعات دون غيرها بصورة أطول، متسائلا عن سبب كون الطرف الأضعف هو الأكثر قبولا بالتسامح. وناقش الأستاذ علي الرضي نتائج الجهود المبذولة حول قضايا الوحدة الاجتماعية والتسامح معتقدا بأنه لم تحقق نجاحات ملموسة، مؤكدا على ضرورة تفعيل الدور الإيجابي للنخب المثقفة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

التقرير على اليوتيوب:

المحاضرة الكاملة:

كلمة الفنانة أنفال الفرج:

كلمة الأستاذة عبير الجليح:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد