أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف احتفالا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك ضمن اهتمامه بإحياء المناسبات الحقوقية الدولية ونشر ثقافة حقوق الإنسان تحت عنوان “حقوق الإنسان والوعي المجتمعي”، حيث استضاف نخبة من الناشطين والعاملين في مجالات حقوق الإنسان، وذلك مساء الثلاثاء 26 صفر 1437هـ الموافق 8 ديسمبر 2015م، وحضرها العديد من المهتمين بالعمل الحقوقي.
وقبل بدء الإحتفال، وضمن الفعاليات المصاحبة التي يقيمها المنتدى أسبوعيا، تحدث الفنان عباس آل رقية عن تجربته في العمل الفني ومعرضه الذي أقامه في المنتدى ويتناول صور التراث والأحياء وحكايات الآباء والأجداد، وتسجيل عالم المرأة بمختلف ملامحها. كما تحدثت الكاتبة رانيا عبد الله عن تجربتها الأدبية في اصدار ديواني شعر هما “قبل الرحيل”، و “رجال في الغربال” حيث شاركت بهما في العديد من معارض الكتاب، وقامت بتوقيع اصدارها الأخير في المنتدى. وكرم المنتدى خلال الحفل الناشط الحقوقي الأستاذ أحمد المشيخص بإهدائه “جائزة منتدى الثلاثاء الثقافي لحقوق الإنسان” نظير جهوده وأنشطته الفعالة في مجال العمل الحقوقي. وتحدث الأستاذ المشيخص في كلمة الشكر التي قدمها عن انسانية العمل الحقوقي الذي اعتبره شرفا لكل انسان حر وممتعا لأنه واجب انساني ووطني واجتماعي.
تحدث عريف الحفل الأستاذ زكي البحارنة عضو اللجنة المنظمة للمنتدى حول أهمية الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في ظل الأوضاع المضطربة سياسيا والانتهاكات الصارخة في أغلب بقاع الأرض، انطلاقا من الشعور بأهمية تعميق الوعي المجتمعي لقضية احترام حقوق الإنسان كإنسان بعيدا عن لونه ومعتقده وجنسه، واعتباره مرتكزا أساس في حماية الواقع الاجتماعي من التشظي والانقسام. وتقدم إلى المنصة راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب متحدثا إلى الحضور حول التطلع إلى المساهمة الجمعية في نشر الوعي المجتمعي بقضايا وآليات حقوق الإنسان، باعتبارها الطريق الأقل كلفة في مواجهة أنماط التشدد والاستبداد وخطاب الكراهية. وأعلن عن فوز المنتدى بجائزة “شليوت لحقوق الإنسان” والتي تقدمها سنويا بعثة الإتحاد الأوروربي في المملكة ودول الخليج العربي، وكذلك عن اعتماد اللجنة المنظمة للمنتدى “جائزة منتدى الثلاثاء الثقافي لحقوق الإنسان” التي سيتقدم سنويا لدعم وتشجيع المبادرات والأنشطة الحقوقية محليا.
أول المشاركات كانت حول حقوق المسنين، وتحدث عن ذلك الأستاذ حبيب آل محيف نائب المدير التنفيذي بجمعية سيهات الخيرية للخدمات الإجتماعية والتي تعتبر من أبرز المؤسسات الأهلية المهتمة برعاية المسنين، حيث أكد على أن تحقيق الحياة الكريمة اللائقة بالإنسان هو الهدف الأساس من مختلف الجهود المبذولة في هذا المجال، ولهذا فقد تم تأسيس درا لرعاية العجزة من المسنين منذ عام 1965م. وتناول أبعاد الاهتمام بحقوق هذه الشريحة المهمشة في المجتمع من خلال توفير الحاجات الإنسانية الأساسية وكذلك الرعاية الصحية والنفسية، وقد قامت الجمعية بإنشاء المجمع الصحي الاجتماعي وهو الأكبر من نوعه ونشاطه على مستوى المملكة بطاقة استيعابية لعدد 254 سريرا، ويقدم خدماته للعجزة والمعاقين جسديا وذهنيا من الرجال والنساء.
وحول حقوق المرأة والأسرة، تحدثت أستاذة التربية بجامعة الدمام والباحثة في علوم التربية والمجتمع الدكتورة مها العلي حول الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق المرأة والحاجة الماسة لقوانين تدعم الحماية والوقاية من العنف والاعتداء. وتناولت في كلمتها نتائج دراسة أعدتها مشاركة مع الدكتورة نعيمة الغنام تحت عنوان “التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة في السعودية” وشملت ستة قطاعات حكومية رئيسة بهدف التوصل الى اقتراح تصور لتمكين المرأة من حماية ذاتها تجاه العنف. وأشارت إلى أبرز الصعوبات التي واجهت عملية البحث منها التقليل من قيمة البحث لدى بعض أفراد القطاعات المحددة في عينة البحث، وعدم توفر المعلومات والبيانات الإحصائية الدقيقة حول قضايا العنف الموجه ضد المرأة. وأنهت الدكتورة العلي كلمتها بمجموعة توصيات قدمتها الدراسة منها: تشكيل مجلس أعلى للمرأة في السعودية، سن قوانين وعقوبات حازمة، تشكيل مراكز لاستقبال النساء المعنفات، وإنشاء أقسام لجمع الإحصاءات الخاصة بقضايا العنف ضد المرأة، وتنفيذ برامج تدريبية مكثفة لتوعية النساء بحقوقهن، وإنشاء أقسام بالشرطة خاصة بالمرأة المعنفة.
وتناولت الأخصائية الإجتماعية والمدربة في مجال الطفولة الأستاذة أمل الدار قضية حقوق الطفل، حيث تحدثت عن ضرورة تحويل اتفاقية حقوق الطفل إلى واقع ملموس من خلال التأثير على صانعي السياسات لرصد الميزانيات واجراء التعديلات أو ادخال قوانين اجتماعية واقتصادية تعكس مدى الاهتمام بقضايا الطفولة. وأشارت إلى أن من بين الآليات المهمة وجود نظام الحماية من الإيذاء، وتفعيل اجراءات المحاكمة في قضايا إيذاء الأطفال، والحماية الجنائية للأطفال، وقانون الزام الفحص الطبي قبل الزواج، وإضافة الأبناء في حقهم للحصول على الجنسية. كما تحدثت عن ضرورة نشر المفاهيم المتعلقة بحقوق الطفل وتحويلها إلى ثقافة مجتمعية تمارس في الحياة اليومية، وتوجيه الموارد نحو قضايا الأطفال في مختلف البرامج، مؤكدة على أهمية مشاركة المجتمع والأطفال والأهل في كل مراحل تحويل الحقوق إلى واقع.
وعن حرية التعبير، تناول الكاتب والشاعر الأستاذ محمد خضر الغامدي أهمية ذلك باعتبارها حاجة انسانية لكل بني البشر، مع أنها كانت إلى وقت قريب تثير المتاعب والشكوك والترصد، إلا أن الفضاءات الجديدة وفي مقدمتها فضاء الانترنت في العالم أتاح فرصا ومنافذ جديدة نحو حرية التعبير وتوسع مداها. وأكد على أن ن يدافع عن حرية التعبير هو نحن كلنا بمختلف أطيافنا واتجاهاتنا وتياراتنا وأفكارنا فهي رابطة لا تتوقف عند جهة محددة او مجموعة معينة، بل هي حاجة إنسانية وحق مشروع للجميع. وأشار في كلمته إلى الإنسان يسعى دائما إلى الحيلولة دون كبت حريته في التعبير وتكميم فمه، ويعمل حثيثا لأجلها، مؤكدا على أن تشجيع حرية التعبير والعمل عليها لا يأتي دون حرية أوسع هي حرية الفكر، حيث أن خصومه لديهم الخوف من كلمة الحرية بحد ذاتها اذ ارتبطت ذهنيا لديهم بكل ما هو مخالف وجريء ومتجاوز للقيم.
وتحدثت الأستاذة صديقة المهدي الناشطة في مجال تمكين الشباب وعضو شبكة نجاح 21 في الشرق الأوسط وشمال افريقيا حول حقوق الشباب مشيرة أنهم يشكلون قاعدة الهرم السكاني في المنطقة العربية، وأن 51% هم دون الخامسة والعشرين في السعودية وحدها في احصائية عام 2012م. وأشارت إلى أن الاهتمام بالمكون الشبابي لا يزال ضعيفا، حيث أن مشاكل كالفقر والمخدرات وانتشار الجريمة وارتفاع مستوى البطالة وتدني مستوى التعليم وضعف الوعي الحقوقي. وقارنت المهدي بين الفرص المتاحة للشباب في المجتمعات المتحضرة وبينها في مجتمعاتنا حيث طرحت أمثلة على تقلد شباب مسئوليات سيادية كبيرة في بلدانهم كوزير الخارجية النمساوي مثلا، بينما لا يحظى الشباب في بلداننا بفرص شبيهة حتى في تقلد مناصب قيادية إما لغياب التأهيل او انعدام الثقة وعدم تكافؤ الفرص. وطالبت بتعريف الشباب بحقوقهم وتأصيلها، بالإضافة إلى تعريفهم بطرق ووسائل المشاركة في الشأن العام وتنمية مهاراتهم القيادية وتمكينهم واتاحة الفرص المتساوية لهم للمشاركة في صناعة القرارات.
وحول الحق في المحاكمة العادلة، تحدث الناشط الحقوقي والباحث في قضايا حقوق الإنسان الأستاذ وليد سليس عن أهمية المحاكمة العادلة وعرفها بأنها ضمان حماية حقوق الأفراد من الحرمان التعسفي او غير القانوني وحقهم في الحرية والأمان في ظل وجود قونين عادلة ونزيهة. واستعرض المرجعية القانونية لمفهوم المحاكمة العادلة واهميتها في الاستقرار السياسي والاجتماعي في الدولة، وكونها من أهم محفزات الاستثمار في أي بلد لوجود قانون ونظام واضح. وحول أهم المعايير في المحاكمات العادلة، أوضح سليس أن من حق الشخص المحتجز الاطلاع على المعلومات الخاصة به وأسباب القبض عليه او احتجازه، وأن تتلى عليه حقوقه، والاستعانة بمحام للدفاع عنه، واستخدام لغة يفهمها، والمثول أمام قاض على وجه السرعة، وافتراض الافراج أو بدائله في انتظار المحاكمة. كما تحدث أيضا عن الحقوق أثناء جلسات الاستماع ونطاق المراجعة، وعن أهلية القضاة وطريقة تعيينهم.
تناول الأستاذ عبد الرؤوف الجشي مدير إدارة علاقات المرضى بمستشفى القطيف المركزي موضوع حقوق المرضى، كالحق في معرفة حقوقه عبر تزويده بالمعلومات المطلوبة، واحترام قيمه وعاداته وديانته وعرقه، وكذلك احترام خصوصية وسرية العلاج عبر مناقشة ذلك معه او مع وصيه فقط، وتوفير الأمن والسلامة في أماكن العلاج، وحمايته من الإيذاء والتوبيخ والتأنيب، ومشاركته في خطة العلاج. كما أشار إلى حق المريض في الحصول على التقارير اللازمة لعلاجه والحق في رفض العلاج على مسئوليته الشخصية، ومعرفة التكاليف المادية لعلاجه، ووضح الاقرارات الطبية عند الحاجة للتدخل الجراحي أو الاشعاعي.
خالد الهاجري الناشط الحقوقي في مجال الاعاقة تناول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في حديث شامل حيث ذكر أن نسبة هذه الفئة في العالم توفق 15% من عدد السكان، وان عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في السعودية يصل إلى مليون شخص تقريبا. وذكر أن نظام رعاية المعوقين اختم بجانب الرعاية أكثر من الحقوق لهؤلاء الأشخاص، واستعرض تاريخ الاتفاقيات الدولية حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مشيرا إلى ان اتفاقية حقوق المعاقين هي الوحيدة التي شاركت فيها منظمات ترعى شئون المعاقين واحتوت على آليات للتثقيف وللتنفيذ. وأكد في حديثه على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الوصول إلى مختلف المواقع وتهيأة السبل لهم، وحقهم أيضا في المشاركة والأهلية القانونية.
المحاضرة الكاملة: