ضمن اهتمامه بالتوعية الصحية للمجتمع، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته السابعة للموسم العشرين تحت عنوان “النماذج الحديثة للرعاية الصحية الأولية للأطفال” قدمها الدكتور نايف الدبيس مدير مجمع عيادات Health Me وسط حضور من المهتمين وذلك مساء الثلاثاء 1 ربيع الأول 1441هـ الموافق 29 أكتوبر 2019م، وأدارت الحوار فيها الأستاذة رائدة السبع. وتناول المحاضر فيها أبرز التحديات التي تواجه الرعاية الصحية مع شرح مراحل تطورها تاريخيا وأبرز التحولات في البرامج الصحية والآفاق الجديدة للرعاية الصحية، وكان ضيف الشرف للندوة الشيخ محمد الصفار وهو عالم دين وشخصية اجتماعية معروفة.
وتزامن مع انعقاد الندوة العديد من الفعاليات المصاحبة، فتم عرض فيلم قصير بمناسبة اليوم العالمي للمدن، وأقام الفنان عدنان البحراني معرضا فوتوغرافيا لبعض أعماله وتحدث عن دور الصورة في استعادة الذاكرة وحفظها وعن تصويره لصائغ ذهب في منطقة كشمير بالهند وكذلك لوحات بعنوان “رائحة الطين” يوثق من خلالها صناعة الخزف في مدينة عالي بالبحرين. وقدم الأستاذ هلال العيسى تعريفا بفريق “همسات الثقافي” وهي مبادرة تطوعية تسهم في تنشيط العمل الثقافي والتطوعي النسائي في المنطقة، واستعرضت الكاتبة آيات الجمعة أصدارها “وتبسم الوحي” الذي وقعته خلال الندوة.
قدمت مديرة الحوار الأستاذة رائدة السبع للموضوع مشيرة إلى أهمية الرعاية الصحية الأولية للأطفال باعتبارها ركيزة أولية في مفاهيم الصحة وتترتب عليها العديد من الخطوات الإجرائية المهمة لأفراد الأسرة في ضمان وتعزيز الرعاية الصحية الأولية، وعرفت بضيف الندوة الدكتور نايف الدبيس المدير الطبي لعيادات Health Me والرئيس السابق لقسم إسعاف الأطفال بمستشفى الولادة والاطفال بالدمام، وخريج برنامج القيادة في طب الأطفال من كلية هارفارد للطب عام 2018م.
تناول الدكتور نايف الدبيس في بداية حديثه غاية الرعاية الصحية التي تهدف إلى تحقيق العافية للمريض والوصول إلى سلامته من الأمراض مشيرا إلى أن التحولات والتغيرات المتواصلة تنتج أشكالا مختلفة من الأمراض التي تتطلب اهتماما مختلفا وسبلا جديدة لعلاجها. وقدم عرضا للمراحل والأجيال التي مرت بالرعاية الصحية مبتدئا بجيل الرجل الواحد والذي كان فيه المعالج هو كل شيء ويتمتع بكامل ثقة الناس فيه مقابل التزام الطبيب تجاههم، تلتها بعد ذلك مرحلة الصناعة الطبية والتي تحول فيها الطب إلى صناعة لها مواصفاتها وتنظيماتها وأصبح المستشفى كمركز للرعاية الطبية وما صاحب ذلك من تكلفة باهظة، موضحا أنه نتج عن ذلك مردود ضعيف صحيا مقابل التكاليف العالية. وتطرق كذلك إلى المرحلة الثالثة والحديثة والتي بدأت من خلال معهد الرعاية الصحية في أمريكا بقيادة الدكتور دونالد برويك والذي يرى أن خدمة الرعاية الصحية على مستوى العالم لا بد أن تتميز بمبادئ أساسية منها الفعالية والأمان والسرعة وأن يكون مركزها الإنسان.
واسترسل في الحديث عن أبعاد هذه المرحلة الجديدة مشيرا إلى بعض استراتيجياتها كنقل ميزان القوة من الممارس الصحي إلى المريض في تصميم الرعاية الصحية متجاوزا الدور المحدود بالموافقة على تلقي العلاج من قبل المريض، إضافة إلى مراعاة اختلاف ثقافات ومعتقدات المجتمعات المهتمة بتبني تعزيز الصحة بدلا من الاكتفاء بدور العلاج، وتحقيق معادلة القيمة في الرعاية الصحية، وكذلك صناعة المتعة للممارسين الصحيين مقابل مايواجهونه من ضغط العمل والآثار النفسية والعائلية. ومن أهم الاستراتيجيات في هذا العهد هو نقل المعرفة إلى المستفيدين بدلا من نقلهم لمراكز الرعاية والذي يعد مكلفا، وقد يؤدي للتأخر في الحصول على الرعاية وتردي الحالة المرضية. وأشار إلى أن من مميزات هذا النوع من الرعاية الصحية هو تخفيض التكلفة، موضحا أن ما يعادل 50% من كلفة الرعاية الصحية تذهب إلى 5% من السكان فقط، مما يعني هدرا في المال.
وحول طب الأطفال، تناول المحاضر جوانب من تطوره مشيرا إلى أن إدراج طب الأطفال كتخصص بدأ في بداية القرن العشرين بالنظر إلى الطفل ككائن فريد من نوعه وليس إنسانا صغيرا، فمن ناحية التكوين فإنه يحتاج إلى رعاية خاصة ودقيقة. وأوضح أنه مع تقدم العلم أصبح هناك ما يعرف بطب الأطفال المجتمعي والذي يعالج وصول المرض لنهايات مكلفة صحيا و ماديا من خلال التوعية للمجتمع لتجنب ذلك، كما قدم المحاضر نماذجا من البرامج الصحية الحديثة مثل البيت الطبي والذي يدار بفريق طبي متكامل يخدم شريحة مستهدفة من الأسر، اضافة للطرق الحديثة في تقييم عمل الممارس الصحي عندما ينجح في تحسين صحة الناس بدلا من مجرد علاجهم وذلك عبر نشر المعرفة.
بعد ذلك أدارت الاستاذة رائدة السبع الفقرة المخصصة للحوار والتي شارك فيها الحضور بمداخلاتهم واستفساراتهم، فأشار الأستاذ عبد الرسول الغريافي إلى فكرة برنامج الرعاية الصحية المصمة للمريض وتطبيقات عملية حولها كغسيل الكلى مثلا أو مجالات أخرى، وتناول الدكتور غريب السالم مشكلة قلة مراجعي مراكز الرعاية الأولية ورغبة أفراد المجتمع بمراجعة المستشفيات الكبرى حتى في القضايا العلاجية البسيطة مما يستوجب توعية المجتمع، وأشار إلى أن علاجات مثل برنامج التهاب الكبد الوبائي بدأت تتوفر في المراكز الصحية الأولية مما يعني طفرة في مستوى العلاج المقدم في هذه المراكز.
وتحدث الأستاذ محمد المحمد حول ضرورة الخروج من المؤشرات الرقمية أو الكمية في خدمات الرعاية الصحية إلى النوعية لمعرفة جودة ما يقدم في هذا المجال، وتساءل عن حدود الأخطاء الطبية والإجراءات التي يمكن أن تحد منها. وطرح الأستاذ أحمد الأحمد موضوع شمولية العلاج للأطفال بما في ذلك الجوانب النفسية والسلوكية حيث يتم تشخيصها أحيانا بطريقة ارتجالية وليس من قبل مختصين مما يسبب إرباكا للعائلة. وجاءت مداخلة من الاستاذ علي آل رضي عبر الإنترنت حول مسؤولية انتشار الأمراض المزمنة لدى أفراد المجتمع وسبل تلافي ذلك، وتناول الأستاذ عبد الكريم الملا سبل حماية الأطفال من البرامج والألعاب الإلكترونية التي بدأت في نشر أمراض جديدة في المجتمع لدى الأطفال منها أمراضا عضوية وأخرى نفسية. وطرحت في نهاية الندوة الأستاذة رائدة السبع ملاحظة حول أهمية التعاون بين المعالجين الطبيين والخطباء وعلماء الدين في تثقيف وتوعية المجتمع والتوجه نحو العلاج العلمي وليس المعتقدات الخاطئة.
في نهاية اللقاء تحدث ضيف الشرف الشيخ محمد الصفار عن سعادته بالاستماع للمحاضرة والاستفادة منها لأنها تصب مباشرة في خدمة توعية وتثقيف المجتمع وتتناول موضوعا أساسيا يهم الجميع، وأثنى على المشاركين في الندوة والفعاليات المصاحبة مشيدا بدور المنتدى في تبني مثل هذه القضايا والمواضيع التي تلامس حاجات وقضايا المجتمع.
لمشاهدة التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة على اليوتيوب:
كلمة المصور الأستاذ عدنان البحراني (الأسبوع الثاني):
كلمة الأستاذ هلال العيسى – فريق همسات التطوعي:
كلمة ضيف الشرف الشيخ محمد الصفار: