سادت أمسية «واقع التعليم ومستقبله»، في منتدى الثلاثاء الثقافي في موسمه الرابع عشر، أمس الأول، موجة سوداوية، طرحت ما يعانيه التعليم في المملكة دون التطرق إلى الحلول، فيما عدا التعويل، على أن يكون وزير التعليم الجديد الأمير خالد الفيصل مفتاح الحل. وفيما تخلف جمهور المنتدى عن الحضور على غير العادة، تحولت الأمسية إلى ما يشبه عصفاً ذهنياً تضمَّن طرحاً للأسئلة ولكن دون الإجابة عنها. وناقش المشاركون عبر محاور أربعة واقع التعليم منذ تأسيس أول «لجنة للتعليم» قبل الوزارة، مروراً بمديرية المعارف التي شهدت سنواتها الأولى عدم وجود وزير لها، وصولاً إلى وزارة التربية والتعليم في العقد الهجري الماضي، والمليارات المخصصة لها طوال الأعوام الماضية، التي لم تفلح في معالجة إشكالية المدارس المستأجرة أو توفر تأميناً طبياً للمعلمين. كما شملت محاور الأمسية، التي قدمتها وأدارتها الإعلامية عفاف المحيسن، قضايا المعلمين ومشكلاتهم، وتطوير المناهج، والمباني المستأجرة.
محطات التحوّل
في محور «واقع التعليم ومستقبله» وضع التربوي علي البحراني، خطوطاً ترسم بدايات التعليم وما نتج عنه، مرجعاً كثير من المظاهر السلبية في المجتمع إلى الإشكاليات التي شابت مسيرة التعليم. وقال إن التعليم في المملكة بدأ بـ«لجنة للتعليم» في عام 1346 هجرية، أسندت مهمتها إلى ستة أشخاص دون أن تحمل اللجنة اسماً يدل على عملها، ولكن وظيفتها كانت «الاهتمام بتعليم الناس». وبيَّن أنه في عام 1371 أنشئت مديرية المعارف دون وزير، وسلمت إلى «اللجنة».ثم أنشئت مديرية المعارف في 1371 هـ دون وزير، وسلمت إلى اللجنة السابق ذكرها، وفي عام 1380هـ تم تعيين أول وزير للمعارف وهو الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز، وفي العام ذاته أنشئت الرئاسة العامة للبنات، التي دمجت بعض إداراتها مع تعليم البنين تحت مسمى وزارة التربية والتعليم في عام 1423هـ.
ما لم تغيره المليارات
وشهدت ميزانية التعليم صعوداً متوالياً مع كل ميزانية جديدة للدولة. وذكر البحراني أن ميزانية التعليم في عام 1432هـ بلغت 94 مليار ريال، وقفزت إلى 204 مليارات ريال في 1435هـ، وصولاً إلى 210 مليارات في الميزانية الجديدة، متسائلاً ماذا أضافت المليارات للتعليم؟ زاعماً أن التعليم في المملكة «ليس سوى محو أمية». وتساءل هل لدينا خطة واضحة للتربية والعليم في المملكة؟ وأردف لو كانت لدينا خطة لعرفنا هويتنا، هل نحن بلد صناعي أو زراعي أو ماذا؟ مبيناً أن الأفق ضبابي الرؤية.
المدرسة والفساد
ورأى أن ما يعاني منه المجتمع من فساد ناتج عن مخرجات المدارس. وحمّل مقاصف المدارس المسؤولية عن الأمراض التي تعشش في المجتمع، موضحاً أن المقاصف كانت تبيعنا أغذية تحولت مع مرور السنوات إلى أمراض مزمنة في أجسامنا. وأرجع الفوضى المرورية التي تشهدها شوارع المملكة إلى فوضى الطوابير أمام مقاصف المدارس. وحمل على الإرهابيين، معتبراً أنهم نتاج مناهج تحرض على الآخر وكرهه. وقال كانت لدينا 11 مادة زائدة، خمس منها دين وست مواد لغة عربية، وبعد التطوير تقلصت مناهج اللغة العربية إلى مادة «لغتي الجميلة»، فيما بقيت مواد الدين من غير مسٍّ، كما أن المواد العلمية أقل المواد في التعليم، مضيفاً: نسمع عن دراسة المناهج واختزالها وتطويرها لكن تبقى مناهج الدين دون أن يطالها تغيير.
هيبة المعلم .. ضاعت
وأرجعت التربوية في إدارة تربية الخفجي الباحثة فاطمة أحمد البلوي، في بحثها حول قضايا المعلمين، ضياع هيبة المعلم إلى المعلم نفسه والإدارة واللوائح، التي رأت أنها لا تحمي المعلمين، ما نتج عنه، بحسبها، اعتداء على المعلمين والمعلمات بالضرب من قِبل الطلاب، مؤكدة أن احترام الوزارة المعلم سيؤدي إلى عودة هيبته.
وأشارت إلى أن إحدى أهم القضايا التي تشغل بال المعلمات، التعيين في مناطق نائية دون حوافز تشجيعية، موضحة أن ما يدفع المعلمات إلى قبول التعيين فيها الحاجة إلى المادة، وأمل النقل إلى مناطق قريبة.
تأمين صحي للمعلمين
وطالبت البلوي بأن يؤخذ التأمين الصحي للمعلمين بعين الاعتبار من قِبل الوزارة، مشيرة في الوقت ذاته إلى تكليف المعلمين بمهام لا تمس مهنتهم بصلة، كأن يتحولوا إلى كتاب وإداريين. ورأت في نظام الإجازات مشكلة كبيرة تواجه المعلمين، مبينة أن الإجازة الاضطرارية في السابق كانت عشرة أيام وأصبحت خمسة أيام دون مراعاة لظروف المعلمات أو المعلمين. واقترحت أن تدعم الوزارة المعلمين بأراضٍ وقروض لبناء منازل لهم. كما اعتبرت المباني المدرسية المستأجرة مشكلة جوهرية لأنها لا توفر بيئة تعليمية سليمة. واستغربت أن يتم استئجار مبنى صمم لاستيعاب 25 شخصاً ليكون مكاناً لاستيعاب 125 طالباً. وفيما تظل المباني المستأجرة معضلة، رأت أن بعض المباني الحكومية غير مطابقة للمواصفات التعليمية، موضحة أن المدارس يجب أن تكون ذات طابق واحد وليس «فندقاً»، فضلاً عن افتقارها للإمكانات المادية.
فريق تغيير لا يعلم به أحد
ووصف عضو فريق التغيير والتوجهات المستقبلية في وزارة التربية والتعليم التربوي والإعلامي فارس القاضي، الفريق، بالذي لم يعلم بوجوده أحد من المنتمين لقطاع التعليم، على الرغم من أنه صادر عن الوزارة ويبحث قضايا المعلمين والمدارس وتطويرها. وقال القاضي إن الفريق أنشئ في عام 1430هـ، ويرأسه الدكتور عادل العوهلي، ويضم في عضويته 15 عضواً. وأوضح أن الفريق طوال فترة عمله يرفع توصيات تطويرية إلى الوزارة ولكن لم ترَ النور. وقال إن من أهداف الفريق نشر ثقافة التغيير وتوعية المجتمع التربوي، واقتراح ورش عمل ودعم الاتصال بين المجتمع وإدارات التربية، ورفع تقارير إلى الوزارة. وبيَّن أن عمل الفريق توقف ستة أشهر قبل أن يعود إلى العمل. وحكى القاضي عن تجربته في مدرسة تولى إدارتها واُختيرت ضمن مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، لكنه قدم استقالته عن الإدارة ليعود معلماً، وبرر ذلك بوجود من حارب المشروع من المنتمين إلى التعليم، وقال إن التغيير يجب أن يبدأ من الأعلى وليس من الأسفل.
إحباط في الوسط التعليمي
ورأت إمتثال أبو السعود أن الجسد التعليمي يعاني صنوفاً من الإحباط، مبينة أنه إذا كان هدف التعليم إنماء الشخصية الإنسانية السوية، فإن مشكلتنا تكمن في عدم وضوح الرؤية. واستنتجت أبو السعود أن مخرجات التعليم ليست في صالح الوطن ولا المواطن، مبينة أن سياسة التعيين في الوزارة تضع الشخص في المكان غير المناسب، مشيرة إلى أن حملة الماجستير في الفيزياء والكيمياء تم تعيينهم إداريين فيما يُفترض بهم أن يكونوا معلمين. وقالت إن الخلل يكمن في «مافيات» تحارب التغيير والتطوير والتقدم، على حد قولها.
التفاؤل مطلوب
وعلى خلاف الجو السوداوي السائد في الأمسية، خرج التربوي المتقاعد محمد الدعلوج برؤية أخرى تضع المعلمين أمام مسؤولياتهم، قائلاً إذا كان هناك خطأ فالواجب أن يتم التفكير في تصحيحه وليس التشاؤم حياله، ورأى أن وقوف بعضهم ضد التغيير والتطوير ليس جديداً، إنما كان موجوداً بشكل دائم، لكنه ليس مانعاً للتقدم. وقال يجب أن نُسهم في إصدار القرار وليس التبرُّم من عدم وجوده، مشيراً إلى عدة أعمال قام بها معلمون على مستوى المحافظات أصبحت بعد ذلك ضمن أجندة الوزارة بعد نجاحها. ورأى أن إعادة هيبة المعلم هاجس في كثير من الدول، لكنه ليس ضمن استراتيجية التعليم عندنا، مقترحاً أن يوزع كتاب يضم حقوق الطالب والمعلم على الطلاب والمعلمين.
الخميس, 26 ديسمبر, 2024
أخر الفعاليات
- ناقشها منتدى الثلاثاء الثقافي بـ #القطيف ” قراءة في نظام الاحوال الشخصية “
- الكاتب الحميدي يصدر كتابًا جديدًا يدعو إلى العودة للأصول والثوابت
- مختصون: نظام الأحوال الشخصية «نقلة نوعية» للمنظومة القانونية
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
- ثقافي / “قراءة في نظام الأحوال الشخصية”: ندوة ثقافية بمنتدى الثلاثاء الثقافي
- محامون في ندوة الثلاثاء الثقافي : نظام الأحوال الشخصية شكل نقلة حقيقية
قد يعجبك أيضاً