استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء يوم الثلاثاء 21 صفر 1427هـ الموافق 21 مارس 2006م الاستاذ غازي بن حجي المسلمي أخصائي البيئة في إدارة حماية البيئة بالهيئة الملكية في الجبيل، حيث ألقى محاضرة تحت عنوان “البيئة البحرية وأثر التلوث عليها”. وأدار الأمسية الاستاذ عبد الله النمر حيث قدم قراءة في سيرة المحاضر الذاتية مشيراً إلى أنه حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل في تخصص تنمية الثروة المائية، وقد عمل لمدة سنتين أخصائي بيئة في وزارة الزراعة ومنذ خمس سنوات وهو يعمل أخصائي حماية بيئة بالهيئة الملكية بالجبيل.
بدأ المحاضر بعد ذلك وعبر عرض مرئي بذكر خصائص الخليج العربي من حيث المساحة والتي تقدر بحوالي (226000كم2) بطول 1000 كيلو متر وعرض ما بين (200-300 كيلو متر) ويقل العرض في مضيق هرمز ليصل إلى 60 كيلو متر. ويقدر معدل عمق المياه في الخليج بـ 35 متر ويصل أعلى عمق إلى 110 أمتار ويزداد العمق في مضيق هرمز إلى 130 متراً. وذكر أن التيارات الهوائية تحرك الموجات المائية من المحيط وبحر عمان باتجاه مضيق هرمز وإلى الخليج. ونظراً لطبيعة الخليج العربي المقفولة واتصاله الضيق عند مضيق هرمز فإن معدل تبدل مياهه تقدر بمرة واحدة كل خمس أعوام.
واستعرض المسلمي الخواص الفيزيائية لمياه الخليج فذكر إلى أن درجة حرارة المياه في الخليج تصل إلى 40 درجة مئوية في الصيف وأقل من 15 درجة مئوية في الشتاء وترتفع درجة الحرارة في الصيف على الساحل العربي بحوالي 45-50 درجة. وأما ملوحة المياه فتكون ما بين (37-40%) وترتفع في مناطق الساحل الإيراني إلى (40-50%) وإلى (60-70%) في الساحل العربي للخليج.
وأشار المسلمي إلى أن هنالك تنوع أحيائي في الخليج العربي يقدر بـ 250 نوعاً من الأسماك، وإن 25% منها تعيش في بيئة الشعاب المرجانية التي تقدر أنواعها بستين نوعاً وأهم مواقع تجمع الشعب المرجانية هو في جزيرتي “جان” و “كاران” بالجبيل. كما أن الخليج العربي يحتوي على نوعين رئيسيين من السلاحف البحرية (سلحفاة منقار الصقر والسلحفاة الخضراء) وتمثل الدلافين وعرائس البحر أهم الثدييات البحرية إضافة إلى أن حوت البالين يعتبر من أنواع الحيتان الزائرة لحوض الخليج العربي.
وذكر المحاضر من خلال تناوله موضوع التنوع الاحيائي أنواع الطيور البحرية الموجودة في الخليج مثل النحام والنورس والغاق السوقطري (اللوهة). ويمثل نباتات القرم أهم النباتات في الخليج العربي وإن أكثر تواجد الأحياء البحرية كالطيور والأسماك والسرطانات يكون عند مسطحات نباتات القرم. وإن هذه النباتات تؤثر في شكل رئيس على النظام البيئي البحري، فهي تتحمل الملوحة الزائدة، محذراً من التدمير المتواصل الذي تتعرض له مياه الخليج العربي عبر الردم المستمر للشواطئ ودعا إلى ضرورة قيام عمل وطني مشترك يحمي البيئة البحرية وتشترك فيه القطاعات الحكومية والأهلية.
وأشار المحاضر إلى أن دراسة مهمة أجرتها الهيئة على نباتات القرم خلصت إلى أن تدمير هذه الأشجار أمر مكلف اقتصادياً وإن العوائد المالية الناتجة من إزالة هذه النباتات ودفن الشاطيء للإستفادة منها تجارياً تعد منخفضة إذا قورنت بدفن هذه النباتات والذي اعتبرته الدراسة نظاماً بيئياً متكاملاً.
انتقل المسلمي بعد ذلك إلى الحديث حول المشاكل البيئية ذاكراً أن التلوث النفطي الناتج عن مياه الصابورة الملوثة في السفن يشكل طبقة حاجبة للضوء والأوكسجين مما يؤدي إلى نفوق الأسماك. ويأتي التلوث الصناعي بعد ذلك كأحد الاضرار البيئية إذ تلقي المصانع بمياه أعلى حرارة في مياه الخليج العربي التي تعتبر ضحلة. مضيفاً إلى أن هناك تلوث حراري ينتج من محطات الطاقة والذي يسخن مياه البحر مما يسبب في القضاء على الكائنات البحرية التي تعيش على درجة حرارة مناسبة.
ومن خلال عرضه لمياه الصرف الصحي ذكر المحاضر أن زيادة التعداد السكني زادت كمية مياه المجاري وإن مخلفات الإنسان تحتوي على ديدان لا تموت أثناء انتقالها في مياه الصرف الصحي وصولاً إلى البحر، وعندما تأكل السمكة تلك الديدان التي تبيض في بطنها تعود إلى الإنسان، منتقداً وصول مياه الصرف الصحي إلى البحر بشكل مباشر. كما ذكر المسلمي من خلال بحثه في المشاكل البيئية أن المبيدات المستخدمة لمكافحة الكائنات الحية في المزارع تضر الإنسان والمحاصيل الزراعية. وقد تطرق المحاضر إلى الحلول العملية التي تحد من التلوث وهي: اتباع القوانين الدولية والمحلية في مجال التعامل مع النفط، ومعالجة المياه قبل تصريفها إلى البحر، وتقليل درجة الحرارة إلى أدنى مستوى ممكن، واستخدام مبيدات زراعية غير ضارة بالبيئة.
أنتقلت المحاضرة بعد ذلك إلى طرح الأسئلة والمداخلات والتي تركزت حول الحلول الممكنة للحفاظ على البيئة البحرية من خلال الدراسات العلمية، فذكر المسلمي إلى الأخذ بتجربة الهيئة الملكية التي لا تضخ مياه الصرف الصحي إلى الخليج بل تستخدمها في أعمال الري لتجنب الكثير من المشكلات وإذا استشعر المسؤولون أن ضخ المياه ضروري فإن عليهم معالجته قبل ارساله للبحر وهو مليئ بالملوثات المختلفة، كما ذكر أن الهيئة الملكية لا ترسل المياه الساخنة إلا بعد تبريدها عشر درجات مئوية لتصبح أقل من درجة حرارة مياه المنطقة علماً بأن الوضع القانوني هو ثلاث درجات فقط. وأشار إلى أن الأسرة تتحمل جزءاً كبيراً في إيجاد الوقاية البيئية فواجب الأسرة تربية أولادها على احترام البيئة، كما أن على المدرسة واجب التوجيه على أهمية البيئة والمحافظة عليها عن طريق الزيارات الميدانية للشواطئ والمشاركة في تنظيفها. كما أن إقامة المنتديات والندوات العلمية وعمل المعارض البيئية للتوعية لها دور إيجابي وهذا ينطلق من واجب مجتمعي.
وشكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المحاضر مؤكداً على أهمية التوعية الاجتماعية بهذه القضايا البيئية المهمة ومنتهياً إلى ما توصل إليه المحاضر من ضرورة التأكيد على الأنظمة وأهمية مراعاتها وتطبيقها في هذا المجال.
المحاضرة الكاملة: