أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ضمن برنامجه الأسبوعي في موسمه الثالث عشر ندوة حوارية موسعة مساء الثلاثاء 30 ربيع الثاني 1434هـ الموافق 12 مارس 2013م تحت عنوان “التعليم الحر: الطريق إلى مجتمع المعرفة” وذلك باستضافة مدير تعليم المنطقة الشرقية السابق الدكتور سعيد عطية أبو عالي.
قبل بداية الأمسية التي أدارها راعي المنتدى المهندس جعفر الشايب تم التعريف والاحتفاء بالدكتورة ندى الناجي والتحدث عن تجربتها التطوعية في بنجلادش، حيث تحدثت الدكتورة الناجي عن مبادرتها حيث عملت في احد مستشفيات المناطق النائية من اجل تقديم الرعاية الصحية، مشيرة إلى أنها وجدت الترحيب والتشجيع من والديها وكذلك من أهالي المنطقة، معتبرة ذلك أمرا جديدا في الوسط النسائي في السعودية .
بعدها قدم مدير الامسية ضيف المنتدى وهو الدكتور سعيد عطية أبوعالي من مواليد 1941م ، وحاصل على بكالوريوس من كلية التربية بمكة المكرمة، وعلى ماجستير في التربية من جامعة وسكونسون بأمريكا عام 1973م، كما حصل على الدكتوراه في التربية من جامعة شمالي كولورادو بأمريكا عام 1975م. ويرأس لجنة جائزة سمو الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز للتفوق العلمي منذ العام 1405هـ وحتى الآن، وكان عضو مجلس جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سابقاً، شارك في عدد من المؤتمرات والندوات المحلية والدولية وله عدة مؤلفات منها: (الإسلام والغرب .. حوار لا صراع)، (رؤية جديدة في مسيرة التعليم بالمملكة العربية السعودية)، ( التطوير الذاتي لأعضاء هيئات التدريس في التعليم الجامعي) .
تحدث الدكتور أبوعالي عن مجتمع المعرفة، مشيرا الى أن هذا المصطلح يترددعلى لسان كثير من القادة السياسيين وخبراء الاقتصاد وعلماء التربية وعلماء الاجتماع؛ ولكن الكثيرين يخلطون بين هذا المصطلح وبين مصطلح مجتمع المعلومات وذلك لأنه أي مجتمع المعرفة مصطلح جديد. وعن ماهية “مجتمع المعرفة” اشار الدكتور سعيد أبوعالي إلى أنه هو المجتمع الذي يقوم على (العلم)، باكتسابه وتحليل عناصره، ونقد مفاهيمه، والإضافة إليه مما يؤدي إلى توسيعه وتحديثه وتبادل معطياته مع الآخرين من أجل مصلحة الإنسان. والعلم عندما يكون هدفه منفعة الإنسان فإن الأخلاق تشكِّل العنصر الذي يدفع الإنسان إلى المعرفة وهي عماد النشاط الإنساني في مجالات الإدارة، والتعلم، والتعليم، والتفكير. والبناء الاجتماعي على هذا الأساس ينتج لنا مجتمعاً جديداً يتميز بالإستنارة وحرية التفكير وهو ما نطلق عليه مجتمع المعرفة.
وأضاف أن (مجتمع المعرفة) يمثل عصراً جديداً من عصور التطور والتقدم الإنـساني، موضحا إنه بديل لعصر الحداثة؛ ولكنه يبقى – بناءً على مقاييس العقل الإنساني – امتداداً لعصر الصناعة، لذا فإن مجتمع المعرفة في النهاية هو كائن متجدد متحرك لا يستسلم للتوقف، وأنه يقوم على ثلاثة أعمدة هامة هي: الدين، والمعلومات والتقنية، والاقتصاد. ولضمان سلامة وسلاسة السير في سبيل تنشئة الأجيال القادمة، اشار أبوعالي الى عدة امور ضرورية وأساسية لمجتمع المعرفة منها: توفر وسائل تقنية المعلومات للمدرسين والطلاب وأولياء الأمور، سيما وإن هذه التقنية لم تعد وسيلة لحفظ المعلومات، بل إنها أصبحت عارضة لها ووسيلة لتبادل الرأي حولها من خلال النقد والتحليل والإضافة، توفر وسائل حديثة لتبادل المعلومات مع الآخرين سواءً كانوا علماء أو مدرسين أو متخصصين وحتى لو كانوا هواة، فعملية تبادل المعلومات تفتح المجال أمام تطوير الذات، وهي حافز للطلبة على توسيع معارفهم، ومساعدتهم على التفوق والإبداع.
ومن الضرورات أيضا، توفر وسائل حديثة تسهل على الطالب عملية التعلُّم الذاتي من خلال قيامه بتصحيح معلوماته المكتسبة من ناحية والبحث عن وسائل تنمية هذه المعلومات وتحليلها ونقدها والإضافة إليها؛ بل وتطبيقها على واقع حياته وتحقيق أهدافه، مشيرا الى ان المدرسة في مجتمع المعرفة ليست مكاناً للتعليم فحسب، بل هي مركز للتعلُّم الذاتي، وساحةٌ للتنافس الشريف الذي يؤدي إلى النبوغ والتفوق والإبداع. إنها منطلق أصيل إلى ساحات العلم ومراكز البحث العلمي. وبناءً على هذا المفهوم فإن المدرسة بحسب أبوعالي هي المكان الذي يسمح للطالب من أن يصنع من نفسه أحسن ما يستطيع، ويحقق بنفسه أرقى الأهداف والطموحات الشخصية، وإن المدرسة في عصر (مجتمع المعرفة) ليست مكاناً لتلقي المعارف والمعلومات ولكنها الساحة التي ينمي فيها الطالب معارفه ويصقل مواهبه الذاتية التي تعده ليكون عضواً في المجتمع المتعلم الذي هو في الأساس المنطلق والنهاية إلى (مجتمع المعرفة).
وبين مدير تعليم الشرقية السابق الى أن مسؤولية أولياء أمور الطلاب، وكذلك مسؤولية المعلمين في مراحل التعليم العام، و أيضاً مسؤولية المدرسين والأساتذة في المعاهد العليا والجامعات تحتم عليهم التعاون مع المجتمع المحيط بهم لتوفير البيئة الدراسية التي تقوم على: تعزيز الإيمان بالدين، العلم، الثقافة، الذكاء الموهوب والاصطناعي، ومهارات الاتصال مع الغير.
وعرج الدكتور أبوعالي على واقع مجتمع المعرفة في السعودية، متسائلا هل المجتمع السعودي مؤهل لبناء مجتمع المعرفة؟، مؤكدا ان الفكر يتجه إلى ما يمتلكه هذا المجتمع من وسائل وإمكانات تساعده على ولوج عصر (مجتمع المعرفة)، حيث توجد أكثر من ثلاثين جامعة، ست منها جامعات نوعية وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الطبية، وجامعة الأميرة نورة للبنات، والجامعة الإلكترونية، والجامعة المفتوحة، والجامعة الإسلامية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهي مؤسسة أبحاث متقدمة ويعمل بها آلاف الباحثين من حملة الماجستير والدكتوراه، كما أن عدد طلاب البعثات العلمية خارج البلاد تجاوز مائة وأربعين ألف مبتعثاً ومبتعثة ينتمون إلى جامعات راقية ويدرسون تخصصات علمية جديدة ونادرة، والمملكة عضو في مجموعة العشرين دولة الأكبر اقتصادياً في العالم، ووجود مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم وهو مشروع يعنى بتطوير مناهج ومسارات التعليم العام.
وأشار ضمن حديثه إلى أن مشاريع التعليم في المملكة حققت نجاحا كميا تنقصه النوعية، مضيفا أن مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم لا يزال لم ينفذ بالمستوى المطلوب . وكعادة المنتدى في كل أسبوع، فقد استضاف على هامش الأمسية الفنان الفوتوغرافي أيمن أبو الرحي للحديث عن تجربته في مجال التصوير، مقدما في كلمته بهذه المناسبة الشكر لمنتدى الثلاثاء الثقافي على استضافته، مؤكدا انه مهتم بالتصوير والتصميم، حيث أنجز العديد من التصاميم الفنية لشركات ومؤسسات اجتماعية مختلفة، كما انه عضو في عدة جماعات ولجان منها جماعة التصوير الضوئي بالقطيف. وفي التفاته رائعة من الفوتوغرافي أبو الرحي قدم خلال إلقاء كلمته باقة ورد خاصة لوالدته التي تواجدت في أمسية المنتدى.
في بداية المداخلات قال الأستاذ عبد القادر الزين ان الدكتور أبوعالي قدم للحضور خلاصة تجربته التعليمية بمصداقية وبعيدا عن المجاملات، حيث عرض خلاصة تجربته في التعليم ولم ينس تجارب الآخرين أيضا للاستفادة منها. وتحدث الأستاذ هلال حبيل عن أساليب التربية التقليدية وما لها من إيجابيات كثيرة جدا، مؤكدا بأنه الآن أصبحت هناك الكثير من السلبيات على الطلاب بسبب سحب الصلاحيات من مدراء المدارس بالإضافة لغياب الرقابة من قبل الآباء.
وتساءل الشيخ حسين القريش عن كيفية الجمع بين العلم والتقدم، حيث نلاحظ ان الغرب رغم صناعته الأسلحة الفتاكة إلا انه استطاع أن يحفظ كرامة الإنسان وحتى الحيوان، بينما هناك بين المسلمين من يعتقد أن التعلم خصوصا من الآخر هو غير ضروري. أما الأستاذ حسن الزاير فطالب الشباب والمهتمين بحضور المؤتمرات التي تقام عن التعليم في المملكة وهي مهمة جدا وتفتح آفاق كبيرة.
وعلق الأستاذ محمد الدعلوج حول الاستراتيجيات الموضوعة في التعليم معتبرا أنها العائق في تطور تطوره و متسائلا عن الخلل في ذلك، كما تساءل عن مفهوم التعليم والتربية الحرة. أما الإعلامية فاطمة القحطاني فقد تساءلت عن فكرة إصدار كتاب يتحدث عن تجربة الدكتور سعيد أبوعالي في قطاع التعليم، متحدثة عن وجود الكثير من المؤتمرات عن التعليم في المملكة، لكن للأسف لا يوجد تنفيذ لتوصيات تلك المؤتمرات. اما عضو إدارة منتدى الثلاثاء الأستاذ زكي البحارنة فقال ان ركائز مجتمع المعرفة ليست ثابتة طول الوقت ، والمطلوب هو تحويل الركائز من ثوابت إلى أولويات في التعليم.
المحاضرة الكاملة: