وسط حضور كبير، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ضمن فعالياته للموسم الثاني عشر، ندوة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة مساء الثلاثاء 29/ 4/ 1433هـ، الموافق 13/ 3/ 2012م تحت عنوان “المرأة السعودية والتحديات المعاصرة”؛ استضاف فيها ثلاث سيدات من أبرز الناشطات في الشأن العام هن الأستاذة سحر الصبيحي، الأستاذة نسيمة السادة، والأستاذة وجيهة الحويدر. وتنوعت محاور الندوة حول واقع المرأة، المرأة وقضايا العمل، المرأة ومعوقات المشاركة، آفاق ومجالات مشاركة المرأة.
في البداية قدمت مديرة الندوة الإعلامية عرفات الماجد الضيفات معرفة الاستاذة نسيمة السادة كونها ناشطة في المجال الحقوقي والإجتماعي، حاصلة على درجة البكالريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبد العزيز وتحضر لدرجة الماجستير في نفس الجامعة. شاركت في تنظيم وتقديم العديد من الورش الحقوقية ومؤسسة منتدى النور الثقافي النسائي بصفوى، لتنتقل للتعريف بالأستاذة سحر الصبيحي، وهي إعلامية وصحفية سابقة في جريدة الوطن، حاصلة على بكالوريس لغة عربية، ثم ختمت بتعريفالأستاذة وجيهة الحويدر وهي كاتبة وناشطة حقوقية سعودية في مجال حقوق الإنسان عموماً وحقوق المرأة السعودية خصوصاٌ، وتعمل في شركة أرامكو السعودية.
وقد افتتح الندوة راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بكلمة تحدث فيها عن عادة المنتدى في الإحتفاء بالمناسبات الحقوقية الدولية ضمن منهجه لإستحضار المفاهيم الثقافية والإجتماعية والحقوقية التي ترتبط بهذه المناسبات. وقال الشايب أن الإحتفاء بالمناسبات الحقوقية الدولية أصبح معلما حضاريا في ثقافة الشعوب المتقدمة أو تلك التي تسعى لتعزيز حقوق الإنسان فيها، مضيفا أن الهدف من هذه الإحتفالية هو إعادة الإعتبار لدور المرأة الرئيسي في تنمية وتطور المجتمع.
في بداية حديثها قدمت الأستاذة نسيمة السادة إطلالة على واقع المرأة السعودية، بينت خلالها الخطوات المعبرة التي خطتها والإنجازات التي حققتها محليا ودوليا على المستوى العلمي والثقافي والحقوقي؛ مفاجئة العالم بما تمتلكه من طاقة وإبداع رغم ما تعانيه من إقصاء ممنهج.وعددت الناشطة نسيمة السادة بعضا من إنجازات المرأة السعودية التي لا تزال تصارع – على جبهات عدة – من أجل التخلص من القيود التي تكبلها للحصول على أبسط حقوقها؛ مشيرة إلى أن التغيير الحاصل في مشاركة المرأة رغم بطئه يبقى إنجازا يعزز تفاؤلها بمستقبل المرأة السعودية في الأعوام القادمة، بدليل حراكها الميداني الدؤوب.
ثم أشارت الاستاذة السادة لبعض المعوقات التي تواجهها المرأة في هذا الحراك من قبيل محدودية المجالات المفتوحة أمامها في نطاق العمل كنتيجة طبيعية لمناهج التعليم التي تقلل من قيمة عمل المرأة من جانب وتضيق دائرة تخصصاتها من جانب آخر، ولنظام التعليم المخصوص بالابتعاث، والذي يميز بين الجنسين بفرضه مرافقة المحرم للمرأة، الأمر الذي لا يتأتى لكل راغبة في الإبتعاث. وإختتمت الأستاذة نسيمة حديثها بالتأكيد على حاجة المرأة لمشاركة أكبر في المرحلة القادمة، وتحصيل ذلك بأهمية مبادرتها وإحتواء المجتمع لهذه المبادرة، ودور القرار السياسي في عملية التغيير.
الإعلامية سحر الصبيحي إفتتحت حديثها بالإشارة إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يكون بحصولها على حقوقها الشخصية للتصرف بأهلية كاملة؛ مضيفة أن حصول المرأة على حق التصويت والمشاركة في الإنتخابات المقبلة هو نتيجة طيبة للحملات الإعلامية التي تمت، وأكدت على أهمية تفعيل الطريقة التي ستشارك بها المرأة، مشيرة بذلك لطريق التعيين الذي من شأنه استغلالها.
وحول عمل المرأة ذكرت الإعلامية الصبيحي أن رغبة المرأة الحقيقية للعمل كفيلة بدفعها لهذا المجال رغم قلة الفرص، فالرغبة الحقيقية قادرة على خلق الفرص الحقيقية وعدم انتظارها، مؤكدة على أن المرأة لا يمكن لها أن تكون مواطنة حقيقية دون المطالبة بذلك عبر جهود متواصلة. وعن معوقات العمل التي تواجهها المرأة قالت الصبيحي أن القهر السياسي هو أهم معوق أمام مشاركة المرأة، كذلك المجتمع الفاقد للوعي الكافي بأهمية هذه المشاركة في ظل افتقار العلاقات الاجتماعية لقانون يحكمها.
أما الكاتبة والناشطة وجيهة الحويدر فقد تحدثت عن التغير التام لوضع المرأة مؤخرا؛ حيث أصبح لها حضور واضح أثبتته بحصولها على بعض حقوقها رغم تراجع الحريات التي كانت تملكها للعمل والمشاركة في السابق، مشيرة لمواجهة المرأة – منذ ثلاثة عقود – لخطاب عدواني استغل فيه الدين كثيرا، وساهم في رفض المجتمع لإبداع المرأة، لا سيما في المجالات التي تناسب الرجل الذي يرى أنه من منحها حق موازاته لتحقيق ذلك الابداع. وأشارت الحويدر إلى ضعف ثقافة العمل بشكل عام لدى أبناء المجتمع، الأمر الذي تسبب في انعدام الشعور بالمسؤولية، مما أدى لضعف الانتاجية، موجهة أصابع اتهامها للجامعات العاجزة عن إعداد وتأهيل الشباب من كلا الجنسين لسوق العمل. وختمت الحويدر حديثها بالمطالبة بالنظر للمرأة كإنسان بعيدا عن جنسها وإعطائها حقها بعيدا “عما ترتديه”، وعدم استغلالها “في التقرب إلى الله”.
في بداية المداخلات تحدثت الناشطة الحقوقية عالية آل فريد فقالت أن مشاكل المرأة كثيرة وكبيرة، وأن ما يواجهها من تحديات تحتم عليها أن تكون أكثر توحدا، مؤكدة على أن ما حققته المرأة بشكل عام يعتبر انجازا كبيرا.وبدوره اعتبر الأستاذ جعفر النصر أن تأثير الإسلام السياسي كان سلبيا على مجتمعاتنا، لأنه عزز حالة الإنغلاق والفهم الخاطئ للدين؛ حتى أصبحت الممارسات القائمة حاليا مخالفة للأعراف التي عاشها الجيل السابق في تعامله مع المرأة.الناشط الحقوقي وليد سليس قال أن المبادرات النسوية التي حصلت حتى الآن واجهتها مبادرات إعاقة من قبل نساء أخريات، مشيرا بذلك إلى مواجهة المرأة للمرأة أحيانا؛ مستبعدا التأثير السلبي للتوجهات الدينية على وضع المرأة، مستدلا على ذلك بعدم معاناة المجتمعات الأخرى من هذه الأزمة في تعاملها مع المرأة.
وتساءلت الاستاذة صديقة المهدي عن مدى صحة تأثير القرار السياسي في معالجة وضع المرأة، أما محمد الخباز فدافع عن الرجل مشيرا لمطالبته بأكثر مما يحتمل منه في قضية المرأة، وعلى أهمية تحرك المرأة للمطالبة بحقوقها بنفسها. وأكد الأستاذ حسن العيد على حاجة المجتمع لبرامج عمل لتنفيذ الحقوق التشريعية في المجتمع.
وتحدث الأستاذ زكي أبو السعود إلى كسر قيد الإحتفاء بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس، والذي كان من المحرمات حتى عهد قريب؛ مشيدا بالحضور النسائي اللافت في الندوة، ومشيرا إلى أن تحسن وضع المرأة أمر لا يمكن تحقيقه بالدرجة الأولى دون قرار سياسي، كما أكد على دور النخب في إخراج المرأة والمجتمع من دائرة التخلف.
الأستاذ عبد الباقي البصارة أبدى تفاؤله من التقدم الذي تحرزه المرأة في المجتمع السعودي من خلال تفعيل حضورها ومشاركتها، مستشهدا بحضور هذه الاحتفالية التي فاقت بكثير حضور العام الماضي في نفس المناسبة. ونوه الأستاذ علي الحويدر إلى الفهم الخاطئ في تطبيق الاحكام الشرعية بصورة أكثر تشددا مما هي عليه في المجتمعات الإسلامية الأخرى.
وتخلل الندوة معرض فني للتصوير الفوتوغرافي حول المرأة بإشراف الأستاذة انتصار المحسن، التي استعرضت تجربتها في التصوير الضوئي، وقالت أن سبب تجربتها في تسليط الضوء على قضايا المرأة في المجتمع السعودي يكمن في معالجة بعض الأنظمة والأعراف والتقاليد التي تؤدي إلى عزل المرأة وتعنيفها، مشيرة إلى أنها تطمح من خلال الإحتفال باليوم العالمي للمرأة من كل عام إلى حصول المرأة على كامل حريتها وكرامتها وحقوقها كبقية نساء الدول الأخرى.
المحاضرة الكاملة: