القحطاني يتناول الأزمة المالية العالمية في منتدى الثلاثاء

3٬862

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 28 شوال 1429هـ، الموافق 28 أكتوبر 2008م ، الأستاذ سعد عايض القحطاني في ندوة عن الأزمة المالية العالمية وأثرها المستقبلي على الاقتصاد السعودي. وقد أدار الأستاذ حسين العلق الندوة إذ عرف بالضيف بأنه رئيس شركة أرباح المالية، أول شركة مالية في المنطقة الشرقية. بدأت أعمالها عام 2007م، وهو خريج جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ولديه خبرة إحدى وعشرين عاما في الأعمال البنكية. وهو حاصل على دورات وشهادات عالمية عديدة.

بدأ المحاضر طرحه بالحديث عن أزمة باتت حديث الجميع لتهديدها كيانات مالية واقتصادية عالمية كبيرة تجاوز عمر تأسيسها القرن ونصف، مشيرا في ذلك إلى تنظيم العديد من المؤتمرات والمناقشات لتناول هذه الأزمة وطرح حلول ممكنة لعلاجها، منها مناقشة جامعة هارفارد التي وصفها بالأوفى.

وحول تأطير الأزمة، تحدث المحاضر عن بدايتها في النظام المالي العالمي الذي وقفت خلفه أزمة الرهن العقاري، وتمثلت في التوسع الكبير في القروض العقارية في السوق الأميركي اعتمادا على ارتفاع أسعار العقارات، ثم انخفاضها بتراجع النمو الاقتصادي الأميركي وازدياد البطالة، مما أدى إلى عجز البنوك عن بيع تلك العقارات لانخفاضها عن قيمة القروض، ثم خسارتها لثقة المستثمرين الذين بدؤوا يتخلصون من أسهمهم باستبدالها نقدا أعلنت بسببه تلك البنوك إفلاسها؛ لتبدأ المشكلة بالتفاقم مؤثرة بذلك على الاقتصاد العالمي، لا لشيء سوى أن قانونا لضبط مشتقات الاستثمار لم يتم وضعه للحد من طمع البنوك في الربح السريع.

انتقل الأستاذ القحطاني بعد ذلك إلى تفصيل عناصر الأزمة متحدثا عن قيام المؤسسات المالية بشراء سندات مالية مقابل ضمان الديون العقارية، مشيرا إلى إعادة إنتاج هذه السندات وبيعها في السوق الموازية عدة مرات مع وجود مشترين في ظل انعدام الرقابة والضوابط.

وعن نتائج الأزمة عالميا، أشار المحاضر إلى اتساع نطاقها وتأثيرها على مؤسسات مالية كبيرة في أوروبا بلغت حد الإفلاس والانهيار مما دفع صناع القرار فيها إلى التدخل المباشر بحثا عن حلول، منها ضخ أميركا 700 مليار دولار لشراء الديون المتعثرة في البنوك الأميركية، وتزويد بريطانيا أربعة من أكبر بنوكها بسيولة نقدية بلغت نحو 37 مليار جنيه إسترليني. وفي موجز سريع، استعرض المحاضر تداعيات الأزمة المستجدة عالميا، محذرا من تجاوز أثرها على البنوك وصولا إلى الأفراد بشكل مباشر، ومشيرا إلى أن ضبابية المستقبل قد يحتاج لستة أشهر حتى تتضح صورته بشكل يمكـّن من رؤية سليمة.

كذلك استعرض مواجهة بعض الدول لأزمات مالية بلغ بعضها حد الإفلاس قبل أن تنهض مجددا، كالأرجنتين والبرازيل والمكسيك، مشيرا في ذلك إلى أزمة الاثنين الأسود في التاسع عشر من أكتوبر عام 1987م؛ حين انهارت الأسواق المالية في معظم دول العالم خلال وقت قصير. بعد ذلك، انتقل المحاضر للحديث عن الاقتصاد السعودي؛ مؤكدا سير الأزمة العالمية في صالح المملكة، وتوقع انخفاض معدل التضخم فيها، خاصة في جانب المواد الغذائية، كما توقع استمرار الأداء القوي للاقتصاد السعودي خلال الفترة المتبقية من عامي 2008م حتى 2009م. وأكد القحطاني استمرارية تدفق الاستثمارات بشقيها الحكومي والخاص في ضوء مستويات السيولة العالية في الاقتصاد لبلوغ الاحتياطيات القوية لمؤسسة النقد 1.6تريليون ريال، وهي كافية لدعم المشاريع التنموية في الاقتصاد؛ مهما تراجعت أسعار النفط الذي قد يصل فيه سعر البرميل حتى 55 دولارا في أسوأ الحالات.

وفي ختام حديثه، استعرض المحاضر بعرض مرئي تقديرات الميزانية العامة للمملكة للعامين 2007- 2008م؛ شملت الإيرادات النفطية وإيرادات أخرى بلغ إجماليها لعام 2007م مقدار 642800 مليون ريال، بلغ 87.5% منها إيرادات نفطية، وتوقع بلوغ فائض الموازنة لعام 2008 نحو 300 مليار ريال. مدير الندوة كان قد فتح باب المداخلات؛ حيث تساءل المحامي أمين البديوي عن سبب انهيار النظام الاقتصادي الأمريكي، وعما إذا كان ذلك يعود لسياستها الهمجية تجاه العالم، الأمر الذي شكك فيه المحاضر مشيرا إلى أن تكلفة التدخلات العسكرية لا تتجاوز أكثر من 2% من الناتج القومي الأمريكي، وهي بذلك لا تؤثر مباشرة على مجمل الاقتصاد. وعن طلب بريطانيا من الصين ودول الخليج دعم الأزمة إيجابيا، تساءل الأستاذ عبد العزيز المحروس عن ذلك، وذكر المحاضر أن سبب قيام بريطانيا وأميركا بذلك يعود لمعرفتهما بتجاوز فائض دول الخليج والصين ما كان متوقعا، وتخوفهما من تراكم الفائض خلال السنوات القليلة القادمة. وكانت دول أوروبا قد اتفقت على قيام تحالف ضد الصين لوصولها مرحلة الجودة في التصنيع ومنافستها السوق الأوروبية والأميركية، حتى بلغ فائض ميزانيتها سقفا عاليا جدا، مما حدا بأميركا لمطالبة الصين إعادة الاستثمار شرطا لدخول السوق بحرية.

واختلف الكاتب عبد الله العبد الباقي مع المحاضر؛ معبرا عن الأزمة الراهنة بالعميقة والمختلفة عن الأزمات الرأسمالية السابقة؛ بسبب حصولها في ظل أحادية قطبية متحكمة في العالم سياسيا واقتصاديا لاعتماد تحويل الدولار لمعادل ذهبي بررته قوة الاقتصاد الأمريكي في فترات سابقة، في حين بات اليوم سببا يدفع به العالم ثمنا لابد أن تشارك فيه أمريكا عبر تغيير النظام المالي العالمي. وكان قد حظي رأي الكاتب عبد الباقي بموافقة من قبل بعض الحضور الذي تساءل عن مدى تأثير ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، وعما إذا كان من الأجدى له ربطه بعملات مختلفة. وأشار المحاضر إلى حتمية التأثر وانعكاسه على إنتاج البترول في جميع الدول المرتبطة به. وأكد على عدم جدوى ربط الريال بسلة أخرى مقابل صواب ربطه بالدولار لكون المملكة دولة غير مصنعة بقدر اعتمادها على منتجين هما النفط والغاز.

المصرفي زكي أبو السعود ذكر عدم وجود مادة في نظام مراقبة البنوك تنص على ضمان مؤسسة النقد للودائع مقابل إلزام البنوك إيداع نسبة من حجم ودائعها في مؤسسة النقد، مشيرا في ذلك لعدم تصريح مؤسسة النقد في المملكة والبحرين بضمان الودائع مقابل تصريح البنك المركزي الكويتي والإماراتي، الأمر الذي أكده المحاضر حتى إلى ما قبل أسبوع؛ حين صرحت مؤسسة النقد السعودي بضمانها الودائع رغم عدم وجود ما يقلق لسيولة البنوك الكافية لضمان ودائعها. وفي لجوء الأوروبيين للمصارف الإسلامية في أوروبا، تساءل الأستاذ أمين الزهيري عن رأي المحاضر الذي أشار لثقة الأوروبيين في كون تلك المصارف هي الحل الأمثل القائم كون التعامل معها لا يستتبع المشاكل التي خلفتها المضاربات والرهونات وما إلى ذلك في المصارف الأوروبية.

في ختام الندوة، شكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الضيف والحضور قبل سؤاله عن فاعلية الإجراءات التي اتخذتها الدولة في هذا الصدد، وعن دور شركات الاستثمار المالية. وقد أشاد المحاضر بالسؤال مشيرا إلى توجه الدولة لإعطاء تراخيص لشركات الاستثمار المالي، حيث بلغت تسعا وتسعين شركة مرخصة باشر العمل منها عدد قليل جدا، مؤكدا على دورها في فتح آفاق للاستثمار؛ عبر استحداث البرامج وفتح مراكز البحوث لإعداد التقارير المالية والصناعية في خطة لرفع المستوى الاقتصادي وعلى مسؤولية الدولة في التعامل مع هذه الشركات بشفافية تبعث على الاطمئنان. يذكر أنه قد حضر الندوة جمع لفيف ضم رجال أعمال وصحفيين فضلا عن نخب اجتماعية مختلفة.

 

لمشاهدة الصور إضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد