المنتديات الثقافية.. وضرورة التحديث
في العشرين من شهر مايو 2006م, شاركت في الندوة التي نظمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني, في مكة المكرمة, حول الصالونات الثقافية ودورها في نشر ثقافة الحوار, وحضرها ما يقارب ستين مشاركاً ومشاركة, من أصحاب هذه المنتديات الثقافية الممتدة بين مختلف أرجاء وطننا, شمالاً وجنوباً, شرقاً وغرباً, إلى جانب بعض المثقفين والمهتمين بهذا الشأن رجالاً ونساء.
وقد اعتبرت هذا اللقاء في وقته ومازلت, بأنه يمثل خطوة جادة وذكية من مركز الحوار الوطني, تضيف إلى رصيده ودوره الخلاق, في نشر وتعميم ثقافة الحوار بين مكونات وشرائح المجتمع السعودي, وذلك باعتبار أن هذه المنتديات الثقافية الأهلية, تمثل رافداً حيوياً لا غنى عنه في نشر وتأصيل ثقافة الحوار, بحيث لا تكتمل مهمة المركز بدون تعاضد الدور الذي تنهض به المنتديات الثقافية. بمعنى أن هذه المنتديات تمثل حاجة حقيقية للمركز, بوصفها كانت الأسبق في التصدي لمهمة الحوار, والتي هي من تجلياته أيضاً, وبهذه الخلفية في نظري, ينبغي أن يتعامل المركز مع هذه المنتديات, وفي إطار هذه الرؤية ينبغي التسميات التي تشير إلى أسماء الأشخاص تقرب وتعطي الصفة الشخصانية لهذه المنتديات أن يتواصل معها.
وفي هذا اللقاء توجهت بدعوة رجوت, أن تنال قدراً من العناية, وبدون حرج, وتتحدد هذه الدعوة في ضرورة تغيير مسميات المنتديات الثقافية, التي يغلب عليها نمطان من الأسماء, نمط الأسماء التي تشير إلى أيام الأسبوع, كأسماء السبتية والأحدية والاثنينية والثلوثية إلى باقي الأيام الأخرى. ونمط الأسماء التي تشير إلى أصحاب هذه المنتديات, بالصفة الشخصية أو العائلية.
فهذه التسميات كما يلاحظ عليها, بكلا هذين النمطين لا تعطي قوة المعنى, أو جمالية المضمون, وليست وثيقة الصلة بالمجال الثقافي والأدبي, ولا تشرح الهوية الثقافية والأدبية لهذه المنتديات, ولا تعبر عن طبيعة الوظيفة والمهمة الثقافية والأدبية التي تنهض بها.
فالتسميات التي ترجع إلى أيام الأسبوع, لا تشير إلى معنى, سوى أنها تشير إلى عنصر الوقت, وكأنها تريد أن تذكر بوقتها وزمنها, حتى لا ينسى أو يغفل أو يهمل, ويغيب عن إدراك الناس. وأما التسميات التي ترجع إلى أصحاب المنتديات وعائلاتهم, فإنها تشير وكأن هذه المنتديات هي عبارة عن مجالس مفتوحة, على طريقة المجالس الملحقة بالمنازل التي تعرف عادة بأسماء أصحابها وعائلاتها.
وإذا أردنا البحث عن إطار أوسع في تفسير تبني واختيار مثل هذه التسميات, يمكن القول أن هذه المنتديات وجدت من الصعوبة الكشف والتعبير الواضح والصريح, عن حقيقة وطبيعة هويتها وشخصيتها الثقافية والاجتماعية, فكانت مضطرة لتبني مثل تلك الأسماء, حتى لا يفسر نشاط هذه المنتديات بطريقة ملتبسة, وحتى تعطي قدراً من الاطمئنان للآخرين حول نشاطها وطبيعة اهتماماتها.
أما النقد الذي يتوجه إلى هذه التسميات, فالتسميات التي تشير إلى أيام الأسبوع, فإنها توحي بالنطاق الضيق والمحدود, ولعلها جاءت في ظرف لا يتيح لها التعبير عن طموحات عالية وبعيدة, هي غير قادرة على التكيف معها, والاستجابة لشروطها ومقتضياتها. والتسميات التي تشير إلى أسماء الأشخاص والعائلات, فإنها تقرب وتعطي الصفة الشخصانية والعائلية لهذه المنتديات, بالشكل الذي قد يعيق في تحول هذه المنتديات, إلى مؤسسات ثقافية مدنية, بوصفه تطوراً طبيعياً لابد من الوصول إليه.
وأظن أننا وصلنا إلى مرحلة بحاجة لأن تعبر هذه المنتديات, عن الأفق الوطني العام والواسع, وتضع نفسها في إطار هذا الأفق الوطني العام, وتجعل من هذا الإطار ناظراً ومنظوراً إليها.