منتدى الثلاثاء: غرفة تتسع للوطن

يُعتبرُ منتدى الثلاثاء بالقطيف الذي يرعاه الناشط الاجتماعي الأستاذ/ جعفر الشايب تجربة ثقافية استثنائية،وخليّة حراكيَّة فهو يقترب من الروح الشعبية التي تجمع في كل لقاء نخبا ولكنها مسكونة بنبض الشارع.
ويأخذ هذا المنتدى موقعه بكل ثقة على خارطة الصالونات الثقافية في المملكة، إذ يشكل مع نظرائه حالة تنموية للحوار مثل أحدية راشد المبارك وخميسية حمد الجاسر في الرياض وأحدية أحمد المبارك في الأحساء واثنينية عبد المقصود خوجة في جدة. مثل هذه المنتديات مسكونة بهاجس الحرية مبتعدة عن أجواء الفكر الرسمي المبرمج من الأعلى السائد في أروقة الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون التابعة لوزارة الإعلام.
إن اختيار اسم يوم من أيام الأسبوع ليكون اسما لهذا المنتدى له دلالة عميقة على ديمومة التواصل المستمر, فهو يكرس مفهوم الالتقاء والتفاعل عبر مواسمه المتوالية الناضجة بثمار الوعي، بينما السائد في البلاد هو أن المنتديات تحمل أسماء أصحابها مما يوحي للمجتمع بأنها ملتقيات خاصة, وهذا يرجع بالطبع إلى ثقافة القبيلة في المجتمع السعودي، وحاول الأخوة في نجران أن ينقلبوا على هذا المفهوم فأسسوا منتدى «قس بن ساعدة الإيادي» كرمز تاريخي عام للخطابة انطلق من منطقتهم، ولكن للأسف سرعان ما أقفلتْ أبوابُهُ.
بدأ منتدى الثلاثاء عام 1421هـ على بساط الأريحية والعفوية ونما شيئا فشيئا لإيمان صاحبه بالعمل المؤسساتي واستطاع أن يتواصل عبر فعالياته المتنوعة بجهود ثلة من الشباب المزودين بطاقة الحماسة, وأمست طاولة الحوار تتزين أسبوعيا بأفكار أصحابها، وصارت اللقاءات مجدولة ومخططا له مسبقا بعيدا عن الارتجالية والتلفيق.
أهم مايتميز به هو اشتغاله الدؤوب واهتمامه اللافت للنظر بالانفتاح على الآخر وتأسيس مشروع الحوار الهادئ/ الهادف، واستطاع أن يكسر حواجز المناطقية وأن يرمي الطائفية في سلة المهملات وأن يجتاز عقبات الأديولوجيا عبر استضافته للعديد من المفكرين ورجال الدين والكتّاب والأدباء وأصحاب العمل الاجتماعي والهم الحقوقي من منابع شتى، فلا عجب إذا قلنا عن هذا الملتقى الانسيابي: إنه غرفة صغيرة تتسع للوطن الكبير.