تحت عنوان “تأملاتٍ حول المشهد الثقافي في المملكة”، افتتح منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 18 محرم 1444هـ الموافق 16 سبتمبر 2022م اولى ندواته للموسم الثالث والعشرين بلقاء حواري شارك فيه الكاتب المسرحي الأستاذ عباس الحايك وأدارته عضو المنتدى الأستاذة جَنان العبد الجبار، وشمل فقرات متنوعة من بينها عرضا لنتائج استبانة الموسم الماضي، ونقاشا حول مقترحات تطويرية للموسم القادم. وقد شارك في اللقاء الأستاذ عبد العظيم الخاطر كضيف شرف حيث أن لديه سجل حافل من الأنشطة والمبادرات الاجتماعية المتنوعة.
بدأ اللقاء بعرض فيلم قصير حول مسيرة المنتدى وآراء ضيوف الموسم السابق جول برامجه وأنشطته، تلى ذلك كلمة للفنانة ياسمين عبد الناصر التي أقامت معرضا فنيا لأعمالها على صالة المنتدى وتحدثت عن اهتمامها بتسليط الضوء على المعنى المنطقي للسعادة، وعن تجربتها في مجال الفن التشكيلي حيث حصدت عدة جوائز فنية دولية. أعقب ذلك كلمة للكاتبة أفنان البيات، تحدثت فيها عن مسيرتها في الكتابة، حيث صدرت لها عدة روايات منها “معاناة حلم” و “عصيان خيال”، كما نشرت روايات وقصص أخرى.
ورحبت مديرة الندوة الأستاذة جنان العبد الجبار بالحضور مع بداية الموسم الثقافي للمنتدى، ثم ألقت الأستاذة هدى الناصر كلمة المنتدى بهذه المناسبة مرحبةً بالضيوف الكرام وأوضحت حرص منتدى الثلاثاء الثقافي على المحافظة على الثقة الكبيرة الممنوحة له من قبل جميع أصدقائه ومتابعيه في داخل وخارج المملكة، لتقديم محتوى ثقافي بناء يتسم بالثراء والتنوع سواء على مستوى الموضوعات أو المحاضرين المشاركين في الندوات. وأشارت الى اهتمام المنتدى بتقديم أنشطة متنوعة مصاحبة، لتشجيع وإبراز الكفاءات وتكريم المنجزين، وكذلك في إقامة شبكة من العلاقات الواسعة والمشاركات مع الجهات والمؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، مشيرة إلى أبرز محاور مواضيع الموسم 23 وهي تفعيل القراءات والمراجعات النقدية الموجهة، رصد ودراسة التحولات الثقافية والاجتماعية، عرض ومناقشة الأنظمة والقوانين الجديدة، واستكشاف أبرز التحولات الحضارية العالمية.
واستعرض الأستاذ أمين الصفار بعد ذلك أبرز نتائج استبانة آراء الجمهور للموسم السابق، حيث ساق مجموعة من الاحصائيات مدعمة بالرسوم البيانية مبينا نسب تصنيف المتابعين من ناحية الجنس ومكان السكن والمهنة والمستوى التعليمي والسن، ومشيرا إلى وجود نسبة أكبر ممن هم فوق الخمسين عاما من حضور المنتدى مما يعني ضعفا في مشاركة الشباب. وأوضح أن اغلب المشاركين أعطوا نسب عالية لأهمية مواضيع المنتدى ومستوى المحاضرين وتنظيم الندوات والتغطية الإعلامية للفعاليات، معتبرين أن أهم ما يميز المنتدى هي الاستمرارية والانتظام وبرزت قضايا الفكر والثقافة كأبرز المواضيع التي يتطلع لها المتابعون في الموسم القادم.
وعرفت مديرة اللقاء الكاتب الأستاذ عباس الحايك بأنه كاتب مسرحي كتب عدد من النصوص المسرحية وصدرت له كتب نقدية وترجمت أعماله لعدة لغات كما عرضت له مسرحيات في السعودية وعدة دول عربية. وقدم الأستاذ عباس الحايك رصدًا لحال المسرح والسينما في المملكة خلال الفترة الماضية السنة والنصف الماضية، وقدم أيضا من خلالها بعض وجهات النظر المتداولة عند ممارسي هذين الفنين، وانطلق في رصده من تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2021، الذي صدر مؤخرا عن وزارة الثقافة. ونقل أن المسارح في المملكة العربية السعودية بلغت حوالي 262 مسرحا منها مسارح فروع جمعية الثقافة والفنون ومسارح الأندية الأدبية وغيرها، موضحا أن مشكلة هذه المسارح أنها قاعات محاضرات ولا تصلح للعروض المسرحية، وهذه أولى المشكلات التي تواجه المسرحيين السعوديين، ولم يتم حلها حتى الآن، وهي البنية التحتية من قاعات مهيأة للعروض المسرحية. وأضاف أن الأمر يختلف تماما عن السينما، فمنذ سمح بالسينما في السعودية تزايدت دور العرض السينمائي في كل المدن السعودية، حيث يعد قطاع السينما من أكثر القطاعات الثقافية نموا في المملكة من حيث البنية التحتية وعدد المرافق، مما يتيح لصناع الأفلام عرض أفلامهم في دور العرض السينمائي وهذا ما حدث مع عدد من الأفلام السعودية مثل (شمس المعارف) و(بلال السادس) و(قرقيعان) و(الأبطال) وغيرها من الأفلام التي وجدت طريقها لجمهور السينما.
وأشار إلى أن هناك انخفاضا في عدد العروض المسرحية التي تنتجها فروع جمعية الثقافة والفنون في المملكة التي كانت الحاضنة الرئيسية للمسرح في المملكة، ولكن بعد إعادة هيكلة قطاع المسرح ودخول منظمين رئيسيين جدد للنشاط المسرحي مثل هيئة المسرح والفنون الادائية وهيئة الترفيه، وتسجيل الفرق الخاصة وتأسيس أندية هواة قلل من مستوى النشاط المسرحي في هذه الفروع. وأبدى تحفظه حول هذا التنظيم حيث أنه أوقف حراكا كبيرا ونشطا في الماضي للجمعية وفروعها رغم تواضع إمكاناته، مما تسبب في تعطل عدد من المسرحيين عن العمل وممارسة شغفهم المسرحي وابتعادهم عن الجمعية باتجاه تأسيس أندية ليست تحت مظلة هيئة المسرح والفنون الأدائية لكنها تحت مظلة وزارة الموارد البشرية، مبينا أن هذه الأندية تحتاج لوقت طويل لينتجوا أعمالا مسرحية ويجدوا مكانا يعرضون فيه أعمالهم عدا عن الميزانيات المحدودة جدا.
وبدأت المداخلات حول هذا الموضوع بمشاركة من الدكتور عبد العزيز الحميدي حول أهمية المسرح المدرسي كما في تجارب الدول الأخرى وكما كان حاضرا في الماضي، وعقب الأستاذ عبد العظيم الضامن حول غياب الاهتمام بالفنون التشكيلية كالحاجة لتوفير صالات عرض في أغلب المدن. وعقب الأستاذ عيسى العيد بالقول أن من مشاكل المسرح غياب النصوص المناسبة وكذلك احداث حراك تفاعلي مع الجمهور، وأشارت الأستاذة خديجة إسماعيل إلى أن هناك جونب إيجابية عديدة في المجالات الثقافية وينبغي التفاعل معها متسائلة عن مستوى مسرح الطفل في المملكة باعتباره من أهم الوسائل التربوية.
وعقب الأستاذ محمد المفتاح بالقول أن النشاط المسرحي يتطلب تكامل عناصر نجاحه حتى يمكن أن ينمو ويتطور ويستمر، وأضافت الأستاذة غدير آل جواد أن المسرح ينبغي أن تكون له رسالة هادفة وأن يتفاعل مع بيئته وهويته المحلية وينطلق من طرق تقليدية تتناسب مع الواقع الاجتماعي. وتحدث الأستاذ خالد الخالدي حول ضرورة انشاء جمعية للمسرحيين في القطيف لكثرة المنشغلين بالمسرح مستعرضا تجربة محافظة بيشة في انشاء جمعية للرواية الشفوية والفنون الشعبية. وعقب الأستاذ علي آل راضي على الدور المهم للمسرح في التربية وتثقيف الأطفال وخاصة في هذه المرحلة التي تتطلب مضاعفة المسئولية والمبادرات لحماية الأطفال من المصادر المتعددة للتربية.
بعد ذلك أدار المشرف العام للمنتدى الأستاذ جعفر الشايب حوارًا مع الحضور حول تطلعاتهم ومقترحاتهم تجاه الموسم الجديد للمنتدى، بعد أن أكد على اهتمام المنتدى بآراء مرتاديه ومتابعيه من أجل تطوير عمله وتجديده بصورة دائمة، موضحا أهمية القراءة النقدية الموضوعية في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية، والانفتاح على الجيل الشاب والتواصل الثقافي معه. وعقب الشاعر الأستاذ عدنان العوامي بأهمية الاهتمام مجددا بمجالات الأدب بصورة جاذبة ومركزة، كما طالب الأستاذ خليل الفزيع بإعادة استضافة الشخصيات البارزة الجذابة والمعروفة في الساحة. واقترحت الاستاذة غدير ال جواد فكرة عقد لقاءات حوارية مفتوحة مع الحضور، كما اقترح الأستاذ زكي البحارنة تنظيم فعاليات ثقافية في بعض المقاهي والمواقع التي يرتادها الشباب.
واختِتم اللقاء بكلمة لضيف الشرف الأستاذ عبد العظيم الخاطر الذي أثنى من خلالها على المنتدى وجهود القائمين عليه وديمومته طوال هذه السنوات، وسعيه الحثيث في مد جسور التواصل بين المثقفين والاهتمام باستقطاب الكفاءات المحلية والتعريف بها. كما أشاد بمحتوى الندوة وتنوع فقراتها وثراء مضمونها ومشاركة الفنانين والكتاب فيها. وقام ضيف الشرف بتكريم المشاركين في الندوة وتقديم الدروع التذكارية لهم.
لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:
كلمة الفنانة ياسمين عبد الناصر:
كلمة الكاتبة أفنان البيات:
كلمة ضيف الشرف الأستاذ عبد العظيم الخاطر: