ضمن مسار برنامجه للموسم الثقافي الثاني والعشرين حول قراءة تحولات المشهد الثقافي في السعودية، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي، مساء الاثنين، ندوة تحت عنوان «مسلسل رشاش: قراءة ثقافية – أيكولوجية»، شاركت فيها الدكتورة سماهر الضامن الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود، وأدارتها مريم الخضراوي، وحضرها لفيف من المثقفين والمهتمين بالفنون والمسرح.
بدأت مديرة الندوة بالحديث عن أبرز لقطات مسلسل «رشاش»، ومقاطع من المفردات والجمل الدلالية المستخدمة فيه، موضحة أهمية التحول الدرامي الذي قاده هذا المسلسل في المشهد الفني في المملكة، ومشيرة إلى ضرورة تناوله بقراءات نقدية متعددة ومن مختلف الجوانب من أجل العمل على تطوير الأداء الفني في الدراما السعودية.
وعرضت جزءا من سيرة المحاضرة الدكتورة سماهر الضامن، الحاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن والدراسات الثقافية من جامعة آر كنسا بأمريكا، وجائزة هدسن للدراسات الإنسانية عن أفضل فكرة بحثية لرسالة الدكتوراه، وسبق لها أن حصلت على تمويل نشر كتاب «نساء بلا أمهات» الصادر من نادي حائل الأدبي وجائزة التفوق العلمي من كلية الآداب للبنات بالدمام، وهي تعمل حاليا أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود بالرياض.
بدأت المحاضرة بالقول إن من أهم ميزات مسلسل «رشاش» الارتهان بالواقعية تجاه البيئة التي احتضنته، مع أن ذلك أوقعه في العديد من المحاذير الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تحاشى الاحتكاك بها، وأن الإعلان التحذيري الذي يسبق عرض المسلسل يدلل مرحلة جديدة في تصنيف المنتج السينمائي المحلي.
وانتقلت للحديث حول أبرز قضايا المسلسل وهي تقديم الشر أو العنف في الأعمال الدرامية، موضحة أن الكثيرين يعتقدون أن تقديم العنف قد يجر إلى القبول به اجتماعيا أو التأثير على المشاهدين بصورة سلبية، معترضة على ذلك بالقول إن متابعة هذا النوع من المحتوى لا يزيد من حالة العنف، بل إن هناك بعض الدراسات تشير إلى العكس من ذلك تمام، حيث إنه لا يولد لدى المربين أي قلق من العنف، أما المشاهدون فلديهم اتجاهات مختلفة، وأن الهدف التجاري هو الذي يحكم معادلة الإنتاج الفني في أغلب الأحيان.
وقالت الدكتورة سماهر الضامن في معرض حديثها إن سبب الإقبال الكبير على مشاهدة هذا العمل الدرامي هي في تمكنه من استثارة نزعات ومشاعر عميقة ودفينة لدى المشاهد، وأن المسلسل كان ناجحا في تقديم «البطل النقيض»، مما يدفع أحيانا للتعاطف معه، وأن هذا النجاح أتى من حسن اختيار الممثل وإجادته لأداء دوره من خلال الملامح والحركية، وتقديمه كشخصية حساسة ومرهفة، وقدرته على توظيف مهاراته لأغراض شريرة.
وانتقلت الدكتورة سماهر الضامن للحديث عن منهج النقد الأيكولوجي للعمل الدرامي الذي اعتبرته من المناهج النقدية الحديثة التي تركز على التفاعل البشري مع النظام البيئي في الأثر الأدبي، ويهتم بالأرض والحياة كمأوى للإنسان، وأن أغلب الأعمال الأدبية تتفاعل مع البيئة بشكل كبير وواضح، بحيث يكون التماس معها ومع الوجود ملموسا وبارزا.
وأضافت أن النص الأيكولوجي يركز على البيئة كعنصر ديناميكي يؤثر في الشر ويتأثر به، وأن التاريخ البشري ليس معزولا عن التاريخ الطبيعي، وقالت أما أكثر العناصر اللافتة في مسلسل «رشاش» صورة الصحراء لكون الكاتب والمخرج أجانب، مما أحدث حالة من التحديق في جماليات الصحراء، ولعب كثيرا على الإضاءة لإبراز جماليات المكان والفارق الزمني، وأشارت إلى أن هناك ارتباطا وانسجاما كبيرا بين شخصية رشاش والصحراء برزت واضحة في المسلسل، وذلك جعل البر عنصرا حيا متحركا.