الدكتور إحسان علي بوحليقة
بعد أن أكمل العشرين من العمر، يقف أمامنا منتدى الثلاثاء الثقافي سامقاً. هذا العلو لم يأت صدفة، بل نتيجة نحتٍ لم يهدأ. البداية كانت متواضعة لكن الأساس والمنطلق لم يكونا كذلك، فالاستثمار الثقافي هو أصعب أنواع الاستثمار؛ مخاطره شتى، وعوائده لا ضامن لها، ولذا نجد ندرة في المستثمرين في الثقافة. أما منتدى الثلاثاء الثقافي، فقد كان منذ البداية النسمة المنعشة التي انطلقت من جوف القطيف إلى ما حولها، ليشهد كل ثلاثاء تألقاً وجمالاً ينضحا إيجابيةً وأملاً على الرغم من تعاقب المَشَاهد والاحداث المحلية والإقليمية
تدلف للمكان لتجد رصانةً وحُباً وجمعاً لا ينظرون للمنصة، بل من خلال المنصة إلى المستقبل بعينٍ متأملة وفكر يقول القادم أجمل وأفضل. أما البساطة والبعد عن التكلف فقد بقيت سمةً لا تفارق المنتدى. هذه البساطة بسطت رونقها الآسر على جنبات المنتدى، فهو ليس نخبوياً بقدر كونه فكري، والفكر ليس حكراً على أحد، كذلك للفكر طرفان مرسل ومستقبل، والمنتدى هو ما يوائم بينهما ويزيل تباعدهما، وكم من نقاش بين المتحدث والحضور أسفر على قيمة وعمق ينافسا ما قاله المُحاضر
في هذا المنتدى، استثمر راعيه والمشرف عليه عمراً، وأوقد شمعة أضاءت ما حولها، وأرسلت شعاعاً لامعاً في كل اتجاه. الحب لهذا الوطن وأهله وشغفه بالثقافة والمثاقفة، كانا وما برحا المحفز. أما احترامه لمرتادي المنتدى ولجمهوره فأمر ينبغي التوقف عنده، ويتجلى ليس فقط بابتسامة الاستقبال عند انعقاد الأمسية، بل قبل ذلك بأسابيع عند تقليب الأسماء اللامعة والخافتة وتلك المتوارية عن الأنظار، ليستضيف من يثري الفكرة، وهكذا تجد أن المحور هو الفكر تلقياً وبثاً
والممارسة الأسمى للمنتدى هي أنه بوتقة بأبوابٍ مشرعة وقلبٍ مشرق وعقلٍ مفتوح. هو حضنٌ صغير لوطنٍ كبير، جمعَ على امتداد عمره كل الأفكار…..