الإصلاح الديني في فكر المرجع السيد فضل الله(رض)

288

 

بتاريخ 11/1/2017م، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي، الشيخ حسين المصطفى، متحدثاً حول “الإصلاح الديني في فكر العلامة المرجع السيد فضل الله”، وسط حضور ثقافي ونخبويّ.

وكان الأستاذ عبد الباري الدخيل قد أدار النّدوة، مؤكّداً دور العلامة فضل الله(رض) في ريادة الاتجاه الإصلاحي في الفكر الديني، وضرورة قراءة تجربته الثريّة بصور متعدّدة، بحيث يمكن تطويرها والاستمرار فيها، مشيراً إلى أهمية الإصلاح الديني باعتباره ضرورة ليست حضارية فقط، وإنما ملحّة، لحفظ الدين نفسه.

استهلّ الشيخ حسين المصطفى حديثه بالإشارة إلى أنّ العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) مجدِّد في فكره، ومتجدّد فيما خلَّفه من تراث ضخم يستحقّ البحث والدراسة، فقد تطلّع سماحته لتغيير الإنسان والمجتمع، من خلال رؤيته للدين والتشريع والحياة، ضمن مشروعه الإصلاحي على مستوى الفكر والحركة والمشاريع، لصناعة الإنسان الذي يمكن أن يبدع ويطوّر كي تكتمل إنسانيّته…

وحول تجربة العلامة فضل الله(رض)، ركّز الشيخ المصطفى على أنّه لم يكن متسرّعاً في التغيير، وإنما كان همه التّمهيد للإصلاح، وكان يدعو الجميع للتفكير معه دون أيّ إملاءات مسبقة، ليمهّد للإنسان أن يتطوّر بذاته، ودون أيّ وصاية فكريّة عليه. فهو – أي العلامة فضل الله – يرى أنّ النص جامد والعقل متحرّك، وأنّ الإصلاح يتعلق باستيحاء النصوص كي تواكب حركة العصر وفلسفته وفنّه وثقافته، كي يمكن الوقوف على نقاط الالتقاء مع الآخرين.

وأوضح أنّ البعض يخلط بين سلطة العقل وحجيّة العقل، مبيّناً أنّ كلّ واحد يملك برهاناً لاستشراف صحة منطوق النصّ الموروث، مفصّلاً أنه ينبغي الوصول إلى حالة التوازن المعرفي بين العقل والنصّ، باعتبار أن الرسل حجة ظاهرة، وأن العقل حجة باطنة.

فالمرجع العلامة فضل الله يرى أن الشرط الضروري للإصلاح، يكون من خلال توسيع ثقافة النص والموروث، لتفسيرها بصورة معاصرة ومناسبة للفهم. ورداً على من يرى ثبوتية النصوص، يجيب العلامة فضل الله أنّ النصوص كلمات لها معان وحركات لا تتجمّد عند المعنى اللغوي، بل إن هناك إيحاءات للكلمات يمكنها أن تطلق العقل في أجواء معرفية واسعة – أي الذوق المعرفي -، وإنّ المجتمع لديه الاستعداد والوعي لتوسيع الكلمة في معانيها اللغوية المتعددة.

وأوضح الشيخ المصطفى أن مشروع العلامة فضل الله الإصلاحي يشترط لتحقيق الإصلاح، إعادة ربط الدين بالإنسان، لأنّ النص الديني موجه للإنسان، وكذلك ربط الخطاب الديني المعاصر بالمنهج العلمي المعرفي. وأوضح أنّ فضل الله حافظ على الأصالة المتبعة لدى كبار العلماء، وواجه ميراثاً من العشوائيات الفكرية كظواهر متراكمة، معرّفاً الأصالة بمعنى عدم الخروج على الصحيح من السلف، و”الأخذ بوعي والترك عن دراية”.

وبيّن أن العلامة المرجع فضل الله(رض) لا يؤمن بالأصالة بمعني التقليد، والمقدَّس عنده هو الكتاب والسنَّة، وأن ما خالفهما لا يعتبر سنداً مقدّساً. وانتقد المصطفى ربط فهم النصوص بالمتخصّصين، لافتاً إلى أنها جاءت لكلّ الناس، موجّهاً نقده لثقافة التلقين السائدة في مجتمعاتنا، ثقافةً وسلوكا وتعليماً، موضحاً أن حيوية اللغة العربية وتعدد احتمالات الفهم تخلقان حوافز داخلية معرفية عميقة.

وحول أبرز ملامح المشروع الإصلاحي للعلامة فضل الله، أوجزها الشيخ المصطفى في دعوته لإنزال الفقه للحياة والمواكبة العصريّة، والابتعاد عن الوعي الهندسي في فهم النّصّ ليكون مفهوماً ومستوعباً اجتماعياً، وتميّز فقهه باليسر والحركيّة، عبر إعادة النظر في قراءة الكثير من الأحكام، والاستناد إلى خبرات أهل الخبرة والاختصاص، من أجل تشكيل رؤية واضحة.

في بداية المداخلات، أشاد الشيخ حسين القريش بمواقف العلامة فضل الله في عدم الانشغال بالخصوم والمناوئين، وتساءل المحامي خليل الذيابي عن أسباب النزول ودورها في رسم مسار معين للنصوص الدينية، كما طرحت الأستاذة نسيمة السادة تساؤلات حول عمومية الخطاب الديني، وضرورة وجود أهل الاختصاص في فهم النصوص.

كما تساءل الأستاذ علي البحراني حول موقعيّة أهل الاختصاص في الدين، وخصوصاً أنهم لا يتقبلون الرأي الآخر، وبيّن الأستاذ علي العيد تجربته في قراءة أفكار العلامة فضل الله وانجذابه إليها. وتساءل الأستاذ أحمد الخميس حول موقعيّة العقل وتوافقه مع النص الديني، وإشكالية فهم النص عندما يقرأ من داخل التاريخ.

وناقش الأستاذ رياض بو خمسين موضوع موقع بعض العلماء التقليديّين الذين وضعوا أنفسهم ضمن دوائر مسلَّمات ثابتة، وطالب الشيخ محمد العمير بضرورة إعادة قراءة مشروع العلامة فضل الله التجديدي واستمرارية تفعيله في الساحة.

وناقش الأستاذ حسن اليوسف إشكالية استغفار الأنبياء والرسل لآبائهم مع عدم إيمانهم برسالتهم، وهي من القضايا التي أوردها العلامة فضل الله في كتبه، وشكرت الأستاذة أفراح كيتي من الكويت المنتدى على الحوارية الهادفة في النّدوة وحضورها المتميّز، وتساءل الأستاذ غسان الناصر عن الآثار المترتبة على محاولات إجهاض المشروع التنويري للعلامة فضل الله…

رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد