نالت الندوة التي ألقاها مهندس أنظمة التحكم المتطورة بشركة أرامكو السعودية الأستاذ السيد حسن سلمان الحاجي في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 14 ربيع الآخر 1439هـ الموافق 2 يناير 2018م اهتماما كبيرا من الحضور المشاركين، حيث جاءت معنونة “الإبتكار في عصر الديجيتال: الفرص والتحديات”.
وكعادة المنتدى في كل أسبوع فقد تم عرض فلم قصير للمخرج محمد سلمان تحت عنوان “أصفر” يحكي عن التحولات الإجتماعية من خلال قراءة مشهد التغير في سيارة التاكسي ذات اللون الأصفر. كما أقامت مجموعة “حكايا الفن” معرضا فنيا جماعيا لبعض أعضائها، حيث تحدث رئيس المجموعة الأستاذ منصور علي عن الأنشطة والبرامج التي تقوم بها المجموعة في مختلف مجالات الفنون. وتم أيضا تكريم الباحثة الإقتصادية أميرة الغمغام الحاصلة على عدة جوائز لتميزها في أبحاثها الأكاديمية في جامعة هاورد بالولايات المتحدة الأمريكية وتحدثت عن بعض أبعاد تجربتها البحثية.
أدار الندوة المهندس محمد الخباز الذي عرف بالضيف بأنه نفذ العديد من المشاريع التقنية في مجال أنظمة التحكم وأنظمة المعلومات وحماية الشبكات، وقدم العديد من الأزراق العلمية في مؤتمرات داخل وخارج المملكة. ابتدأ المهندس حسن الحاجي محاضرته بإلقاء الضوء على بعض التصورات المستقبلية عندما تتحول أنظمة الإدارة والأتمته إلى الحالة الآلية ويكون دور الإنسان الآلي أكبر وأشمل، موضحا أن النمو الطويل الأجل للإقتصاد يعود إما إلى ثروات طبيعية التي توصف بأنها فاكهة متدنية أو إلى الإبتكارات، ومؤكدا على أن التطور الذي حصل في الةلايات المتحدة كان بسبب الإبتكار الذي يتطلب حواضن وبيئات مناسبة. وأكد على ذلك باستشهاد للدكتور مارتن ويلتزمان الذي يقول “أن النمو طويل الأجل للإقتصاد المتقدم يهيمن عليه التطور التقني”.
وانتقل المحاضر بعد ذلك للحديث حول أبرز الأفكار المبتكرة في تاريخ الإنسان، مستعرضا إياها تسلسليا ومدى تأثيرها على نمط حياة الإنسان ابتداء من النار وانتهاء بالتقنية مرورا على توطين الحيوانات، القراءة والكتابة، توطين زراعة القمح، النقود والتجارة، العجلة، المطبعة، الكهرباء، الآلة البخارية. واعتبر أن ابتكار جيمس وات لماكينة البخار يعتبرانفجارا كبيرا أعطى الإنسان القوة والقدرة لامتداد عضلاته، وأنها تشكل بداية الثورات الصناعية الأربع التي هي الآلة البخارية عام 1784م التي حررت الإنسان والحيوان وأدت إلى الاستغناء عن الكثير من الأيدي العاملة، تلتها الكهرباء عام 1913م التي قللت التكلفة وضخمت الإنتاج بشكل غير مسبوق. الثورة الصناعية الثالثة كانت ابتكار الالكترونيات في عام 1969م ونتج عن ذلك الاعتماد على الحواسيب والأتمتة، وأخيرا ما نعيشه الآن من تحولات رقمية وما ينتج عنها من تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية.
واستعرض المهندس الحاجي مقومات الابتكار الرقمي شارحا تفاصيلها كخدمات المواقع وسعة التخزين والشبكات والاستشعارات المتقدمة ونمو القوة الحاسبية وضخامة البيانات المجموعة والحوسبة السحابية، موضحا المفارقات التكنولوجيا الرقمية والتأثير الأسي. كما بين بعض نماذج من الابتكارات الرقمية المتقدمة كالواقع المعزز والروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد والذكاء الصناعي والطائرات الصغيرة. وواصل في حديثه حول التحديات التي تواجه الابتكار الرقمية ومن أبرزها القواعد الحاكمة كالأنظمة المؤسسية والحكومية والإجتماعية والمبادئ والقيم، وضعف المهارات كالرشاقة والتكيف والتعليم والفلترة، والسلامة كالتحقيق والصلاحية والأمن. وتحدث مفصلا عن تحديات الأمن السايبري وإشكالات التكيف مستشهدا بأن فترة التكيف من المصانع البخارية إلى المصانع الكهربائية استغرقت 30 عاما، بينما فترة التكيف من المنتجات والخدمات إلى المنصات أخذت من 5-7 سنوات، وأن الإنسان يحتاج مام يقارب 15 سنة للتكيف مع ماهو جديد.
وحول الفرص القادمة تحدث المحاضر عن حزمة من الفرص أبرزها مجال التصاميم كالتطبيقات الذكية والطابعات ثلاثية الأبعاد، ومجال التحولات الذكية كالذكاء الإصطناعي والروبوتات والمنصات، ومجال الخلط كالأجهزة والبرمجيات والبيانات والشبكة والحوسبة السحابية. كما أوضح فرص محددة من بينها السيارة المصنعة بالطابعة ثلاثية الأبعاد، وطباعة الكبد بالطابعة ثلاثية الأبعاد، والسيارات ذاتية القيادة، والذكاء الإصطناعي في مجالس إدارة الشركات، والمنازل المتصلة بالإنترنت، والملابس المتصلة بالإنترنت. وأنه محاضرته بالحديث عن بعض التوصيات المهمة حول التعليم والوظائف والشركات والمؤسسات والأفراد والمجتمع.
بدأت المداخلات بمشاركة من الأستاذ محمد جعفر المسكين حول تاريخ البدء في الحاسوب العملاق في الولايات المتحدة الأمريكية موضحا أنه بدأ مع فترة الحرب الباردة وليس في مرحلة متأخرة، وأكد الدكتور عبد العزيز الحميدي بأن جميع الثورات والتحولات العلمية الكبرى ارتبطت بالرياضيات، مؤكد على أن الثورة الرقمية نتج عنها خسائر كبيرة أيضا على الإنسان. وتساءل الأستاذ عبد الله شهاب عن تأثير التقنية على العملات النقدية المتداولة وعلى قطاعات الإنشاء والبناء، وطرح الأستاذ صالح العمير تساؤلا حول مستقبل وضع الإنسان مع هذه التحولات السريعة جدا وتقلص فرصه الوظيفية.
وتساءل الأستاذ مؤيد الضامن عن الفرص المحلية في ظل هذه التحولات الرقمية الكبيرة، وطرح الأستاذ يوسف شغري تعقيبا حول مستقبل العلوم الإنسانية ودور القيم والأخلاق في ظل هذه التحولات الرقمية التي تتجه لتقليص دور الإنسان والإتماد على الآلة نيابة عنه. كما نوه الأستاذ خالد النزر أيضا عن المخاطر التي أفرزتها التقنية والمؤثرة على حياة الإنسان ومستقبله ومنها المناخ والتعديل الجيني والذكاء الصناعي، متسائلا حول مدى كون الإنسان الإصطناعي مهدد للبشرية.
وتحدث الأستاذ أمين الصفار عن ماهية الكوابح التي يمكن أن توقف هذا الإعصار التقني وتحد من هيمنته الكونية، وأكدت الدكتورة أميرة الغمغام على أهمية الإستفادة من علوم البيانات في مختلف التطبيقات والتخصصات.
التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة:
كلمة الأستاذة أميرة الغمغام: