مستجدات اضطراب التوحد في حلقة تفاعلية بمنتدى الثلاثاء

4٬898

ضمن ندوة تفاعلية حول مستجدات اضطراب التوحد، ووسط حضور عديد من الاخصائيين والاخصائيات في هذا المجال وأهالي أطفال متوحدين، عقد منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته لهذا الأسبوع تحت عنوان “اضطراب التوحد وخيارات التعامل” باستضافة كلاً من الدكتور محمد الزاير استشاري التوحد والاضطرابات النمائية والأستاذ محمد المخرق مستشار تربية فكرية وتوحد، وذلك مساء الثلاثاء ٢١ رجب ١٤٣٨هـ الموافق ١٨ أبريل ٢٠١٧م.

وصاحب الندوة مشاركة الفنانة بتول المهنا التي تحدثت عن تجربتها في الفن التشكيلي حيث تعرض في المنتدى عددا من لوحاتها الفنية، مشيرة إلى أن الرسم كان هوايتها منذ بواكير عمرها وتطورت بفعل التشجيع واقترابها من الوسط التشكيلي. واستعرضت المهنا مشاركاتها في المعارض الفنية داخل وخارج المملكة والتي حازت فيها على عدة جوائز تقديرية، ودعت في كلمتها إلى أهمية تأسيس أكاديمية لتعليم الفن التشكيلي لما تزخر به المنطقة من موهوبين في هذا المجال وكذلك لدور الفن وتأثيره على تطوير جماليات البيئة وتحسين الذوق العام في المجتمع.

كما تضمنت الفعاليات المصاحبة للندوة مشاركة الأستاذة ناهد الزاير معرفة بمركز تواصل للتوحد بالقطيف الذي تأسس عام ٢٠١٤م ويحتضن حالياً ٥٦ طفلا موزعين على عشرة فصول. ويقدم طريقة تعليمية شاملة عبر برنامج TEACCH الذي يمتاز بطريقة علاج مصممة على حسب احتياجات كل طفل وبرنامج PECS لتنمية التواصل اللفظي وغير اللفظي وكذلك برنامج ABA الهادف لتعليم التوحديين التغلب على ما يواجهون من صعاب، بالإضافة إلى تقديم خدمات مساندة وورش عمل تدريبية، والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية. وفي جانب آخر من كلمتها قدمت تجربتها الشخصية اللافتة والمؤثرة مع ابنها التوحدي بدءاً من معاناتها لتشخيص الحالة إلى البحث عن مراكز العلاج النادرة وتحملها كثرة السفر لمراكز خارج المملكة وتهيئة بيئة المنزل المناسبة للحالة، مفتخرة بأنها تمكنت بعد هذه الجهود أن تصل بابنها اليوم للدخول في صفوف التعليم الثانوي العام. وأشارت إلى أن نجاحها في هذه التجربة حفزها لتأسيس “مركز تواصل للتوحد” بمحافظة القطيف لمساعدة الأسر المشابهة، وذلك بالتعاون مع عدد من الاختصاصيين والناشطين الاجتماعيين، وتطمح حالياً للعمل على تأسيس جمعية أطفال التوحد، داعية المجتمع لاحتضان فئة التوحديين والعمل على دمج أكبر عدد ممكن في الروضات والمدارس.

وقد أدار الأمسية الدكتور سلمان الحبيب معرفا في البدء بالضيفين فالدكتور محمد بن منصور الزاير حاصل على الدكتوراه في التربية الخاصة من جامعة شمال أيوا الأمريكية، مهتم بطريقة “النمذجة” كأسلوب علمي لتطوير مهارات التواصل لذوي اضطرابات التوحد، وحاصل على شهادة برنامج ” TEACCH” التعليمي من جامعة نورث كارولاينا الأمريكية. والأستاذ محمد المخرق معلم ومشرف تربوي مارس تعليم ذوي اضطراب التوحد لمدة ١٤ عاماً، وهو عضو مؤسس لمركز تواصل للتوحد بالقطيف، كما اشترك في عضوية تأسيس الجمعية العربية لتعديل السلوك بمملكة البحرين، ومركز الرعاية النهارية بالقطيف والعديد من اللجان الأهلية ذات الاهتمام بالتربية الخاصة.

بدأ مدير الندوة الدكتور الحبيب حواره مع الضيفين بتوضيح العلامات المبكرة التي يجب الالتفات اليها من قبل الوالدين للكشف عن اضطراب التوحد، حيث أجاب الأستاذ المخرق بأن من اهم العلامات هي ضعف تفاعل الطفل مع محيطه وكذلك ردات الفعل لديه والنظرات واعتبارها مؤشرات لاحتمال الاصابة بالتوحد لأخذ الطفل للفحص الطبي والعمل المنهجي القائم على “تعديل السلوك”. وأضاف الدكتور الزاير في ذات السياق أن قوة التركيز والالتفات لدى الطفل للأصوات والضوء يعتبر مؤشر ينبغي الاستدلال به على حالة التوحد، لافتا النظر الى أن تشخيص حالة التوحد تواجهها صعوبات كثيرة وقد تأخذ وقتاً طويلاً يستمر أكثر من عام، لذا فينبغي على الأبوين السعي بمعالجة الطفل بمجرد توافر هذه السمات دون الحاجة للإصرار على طلب التشخيص أولاً. وأشار إلى أن التوجه الحالي في أمريكا هو الأخذ بمبدأ “عدم التصنيف” والاهتمام المباشر بالحالة مع بروز العلامات التي تظهر على الطفل ومعالجتها مع متابعة التشخيص. كما أوضح الدكتور الزاير أن المراكز العلاجية وضعت ١٤ تدخلاً علاجياً لحالات التوحد كخلاصة لأحدث الدراسات والأبحاث العلاجية للتوحد منها النمذجة، القصة، التعلم بالرفيق، تعليم الأسرة وغيرها.

وحول مسألة شك الأسرة في تشخيص الطبيب بين كون الحالة هي توحدية أم هي نوع أخر من الاضطرابات بسبب عدم خضوع هذا الفحص لإجراءات مخبرية كباقي الأمراض، أجاب الأستاذ المخرق بان الشك في التشخيص مسألة طبيعية وقد تكون إيجابية أحياناً. وأوضح أن الأهم من التشخيص هو الوقوف أولاً على تحديد احتياجات الطفل التي لا تعتمد فقط على تشخيص الاخصائي النفسي لوحده حيث يعتبر واحدا من فريق يشمل الأم والطبيب والمعلم وأخصائي النطق للوصول إلى تشخيص الحالة كونها توحدية أو اضطراب آخر، موضخاً أن ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على رصد الملاحظات من قبل الوالدين، وأن تشخيص حالة التوحد تعتمد على مقاييس منظمات دولية معتمدة عالميا.

الدكتور الزاير ركز من جهته على أهمية تقييم الحالة، فقد لا تكون السمات الظاهرة على الطفل هي سمات توحد، كما أكد على أهمية عدم تأثر الأسرة بصدمة خبر التشخيص فتلجأ الأسرة الى العزلة والانكفاء خوفاً من النظرات السلبية للبعض، وذلك مسئولية أفراد المجتمع كافة بتنمية الوعي بأن حالات التوحد ليست عيباً وإنما هي حالة سلوكية قابلة للعلاج والتحسن.وفي سؤال لإلقاء الضوء على برنامجي “تيتش” و”النمذجة”، أوضح الدكتور محمد الزاير أن “تيتش” هو برنامج حديث يركز على تعليم الطفل للقيام بالمهارات بشكل فردي، وتعزيز قدرته على الاستقلالية في أداء شئونه الخاصة، لافتا النظر إلى ظهور برامج جديدة في الدول المتقدمة للتعامل مع التوحديين داعياً الاخصائيين القائمين في مراكز العلاج إلى الأخذ بها كدراسة وتخصص ومن ثم تطبيقها وتطويرها.

وحول برنامج “النمذجة” أوضح الدكتور الزاير أن فكرته تعتمد على تعليم الطفل التوحدي بتصوير القرين او الصديق بالفيديو وهو يقوم بالمهارة المطلوبة فيحاكيها الطفل التوحدي، كما يمكن تجزئة المهارة إذا كان التوحدي لا يتمكن من استيعاب المدة المعينة لكامل المهارة، وهذا البرنامج بديل أفضل لحالة عدم توفر شخص واقعي في كل لحظة للطفل المصاب.وفي الاجابة على توضيح أسباب الخلط بين التوحد واضطرابات أخرى كمتلازمة ريتز وطيف التوحد وانتكاسة النمو والتخلف العقلي وكيف يمكن التفريق بين هذه الحالات المتشابهة، اجاب الأستاذ المخرق بأنه وفقاً لدليل التشخيص الخامس يوجد مسمى واحد هو “طيف التوحد” وتم تقسيمه إلى درجات حسب شدة الحالة، أما الخلط فأصبح محدوداً مع تطور المقاييس لتشخيص التوحد.

وأضاف الدكتور الزاير من جهته بأن الاختلاف وقع بين التصنيف الرابع والخامس موضحاً بأن العلماء في أمريكا عمدوا بأن يكون التصنيف الخامس خاصاً بالتوحد وتكون مجموعة الاضطرابات الأخرى تحت مسمى التصنيف الرابع لتسهيل تحديده وابعاد الخلط بين تلك التسميات. وللتعريف ببرنامج pecs) – بيكس ) أجاب الدكتور الزاير بأنه برنامج يتكون من ثمان مراحل والاعتماد فيه على الصور كحل في التعامل مع من يعانون من صعوبة التواصل اللفظي للتوحديين، وبين أهمية وسيلة “الاشارة ” كحل آخر مؤكداً على أهمية تدريب الطفل عليها من الصغر ليسهل عليه اتقانها. وحول سؤال مدير الأمسية الدكتور الحبيب عن الأدلة والسجلات وفائدتها العلاجية ومدى الاطمئنان لتشخيص الأبوين، لفت الدكتور الزاير النظر إلى أهمية معرفة الوسيلة الأقرب إلى نفس التوحدي للتواصل واكتساب المهارات والمعارف، مشيداً بالمناهج المتبعة في أمريكا في تتبع تدرج حالات التوحد كالاستبانة التفصيلية والدورية التي تساعد كثيراً في رصد تطور حالة الطفل ايجاباً أو سلباً.

وأشاد الدكتور منصور الجبران بمركز تواصل للتوحد بالقطيف ودعا ادارة المركز للعمل على توسيع نطاقه من حيث المساحة والاستيعاب، مشيراً الى أن جامعة الملك سعود بالرياض تستقبل التوحديين للدراسة الجامعية، متسائلا عن تحديد أسباب اضطراب التوحد وخاصة مع زيادة اعداد التوحديين. وعقب الأستاذ المخرق بأنه لاتزال أسباب اضطراب التوحد غير واضحة لحد الآن، وذكر إن المعدل الحالي للإصابة هو واحد في كل ثمانية وثلاثون حالة ولادة، داعياً الجهات المختصة والمهتمين للتخطيط المستقبلي لاستيعاب هذا الاستفحال للتوحد. وتطرق الدكتور الزاير لبعض الدراسات الحديثة التي أشارت إلى أن السبب قد يكون جينياً يتكون لدى الطفل قبل الولادة مستدركاً بأنها غير مؤكدة وتحتاج إلى المزيد من البحث للتيقن من هذه النتيجة.

الأستاذة منار المرهون دعت في مداخلتها إلى أهمية التوجه للتوحديين البالغين ومنحهم فرصة التأهيل المهني والوظيفي، وأشار الأستاذ عبد الله الجصاص المشرف التربوي في إدارة التعليم إلى أهمية أساليب العلاج المتبعة للتوحديين، داعياً الأسر إلى تحمل مسئولية تعليمهم والصبر على أساليبها فكلما زادت معارفهم تغيرت حياتهم للأفضل وإذا أهملوا انتكست بشكل مضاعف. وعقب الدكتور الزاير بأن أصل علاج التوحد قائم على مفاهيم سلوكية تم تطويرها إلى مصطلحات لغرض الوصول إلى أساليب علمية في العلاج والتعامل، مؤكداً على عدم اللجوء للعلاج بالعقاقير الطبية إلاّ بعد مراجعة الطبيب المختص.

وتطرقت الأستاذة هدى القصاب إلى أهمية رفع مستوى الوعي الاجتماعي في نظرتهم لفئة التوحديين مشيرة إلى أن الدول المتقدمة اهتمت بتطوير القوانين والبيئة المساعدة مما ساعد على تربع نوابغ لديهم على سماء الشهرة من هذه الفئة. من جهته أكد الأستاذ عبد الله شهاب على الاستفادة من دعم وامكانيات الجهات الرسمية ذات العلاقة، وانتقد الأستاذ مؤيد الزاير مدير المكتبة العامة بالقطيف التسرع في عملية الدمج في المدارس بصورتها الحالية حيث تجري بدون تقنين ودعى إلى تكوين مراكز خاصة للحالات الصعبة جداً من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج مدارس التعليم العام، وقد عقب على ذلك الضيفان بأن هناك سعي لتأسيس جمعية التوحديين بالإضافة لمراكز توعية أسرية، كما أن العمل جار لبناء ثلاثة مراكز كبرى في المملكة تقع في الرياض والخبر وجدة.

 

لمشاهدة صور الحفل اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

التقرير على اليوتيوب:

 

المحاضرة الكاملة:

 

كلمة مركز تواصل للتوحد/ الأستاذة ناهد الزاير:

 

كلمة الفنانة بتول المهنا:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد