منتدى الثلاثاء يناقش دور الفن في التواصل الإنساني

3٬797

في ندوة ثرية لاستجلاء صورة الفن المسئول خصص منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف أمسيته هذا الأسبوع تحت عنوان “دور الفن في التواصل الإنساني” باستضافة كلاً من الدكتور كميل المصلي والمخرج السينمائي محمد سلمان، وذلك مساء الثلاثاء 8 جمادى الآخرة 1438هـ الموافق 7 مارس 2017

وقد صاحب الندوة عرض لفيلم “أصفر” للمخرج محمد سلمان وهو عبارة عن توثيق لظروف ومعيشة العاملين على سيارات “التاكسي” كما تضمنت الفعاليات المصاحبة المعرض التشكيلي للأستاذة فاطمة المؤمن التي تحدثت عن تجربتها في الفن التجريدي حيث تشارك للأسبوع الثاني على التوالي بعدد من أعمالها الفنية مشيرة بأن إقدامها على انجاز هذا المعرض مثل لها تحدياً للنجاح وانطلاقة فنية قوية بعد مشاركتها في عدد من المعارض الجماعية.

وقد أدار الأمسية الأستاذ محمد المحسن رئيس اللجنة المنظمة بالمنتدى مشيراً في افتتاح الندوة إلى أهمية الفن كوسيلة للتواصل والتعارف بين الثقافات والحضارات المتعاقبة ولغة مشتركة بين الشعوب، معرفا بفارسي الأمسية، فالدكتور كميل المصلي حاصل على الماجستير والدكتوراه في تحليل وحل الصراعات من جامعة “نوفا جنوب شرقية بفلوريدا” وهو عضو مؤسس للجمعية السعودية لتحليل الصراعات وبناء السلام وهو عضو بجماعة فناني القطيف، وجماعة “آرت سيرف” بمدينة فورت بفلوريدا. كما عرف بالأستاذ محمد سلمان الحاصل على بكالوريوس فنون جميلة من جامعة الملك سعود بالرياض وهو مخرج سينمائي ورئيس سابق لجماعة الأفلام بنادي الفنون بالقطيف، عضو مؤسس لمجموعة “آفان” الفنية وشارك في عدة مهرجانات محلية ودولية وعمل على إخراج مجموعة أفلام قصيرة مخيال، السيكل، قاري، وآخرها ثوب العرس.

بعد ذلك تحدث الدكتور المصلي حول رسالته في الدكتوراه والتي جاءت بعنوان “نرسم صراعاتنا.. تحليل موضوعي لدور الفنان في حل الصراعات وبناء السلام” موضحا منطلقات هذا التوجه في العلاقة بين الفن وحل الصراعات بأن الفن ينمي الوعي، وإن الفنان لابد أن يكون له دور في خدمة المجتمع الانساني، مستعرضا بعض اللوحات لفنانين عالميين في هذا المجال من بينها لوحة للفنان “بيكاسو” التي رسمها على أثر الاجتياح الألماني لمدينة ” جيرنكو” في العالمية الثانية قائلا بأنها اللوحة التي فتحت له أفقاً في المضي قدماً لدراسته، كما أشاد بالفنان سيلفادور دالي الذي وصفه بالعبقرية وتميزه بالقراءة الجريئة للواقع ومنها تنبؤه بالحرب الأهلية عام 1937، كما أشار المصلي لتأثره منذ طفولته بإحدى اللوحات من انتاج والده حول حرب الخليج الثانية، مدللاً بذلك على قدرة الفنان في صنع المعاني، وتحويل احداث الواقع إلى أعمال فنية تؤسس لأفكار كبرى وأهداف إنسانية في الحياة العامة.

من جهة أخرى أشار الدكتور المصلي إلى صعوبة البحث في العلاقة بين الفن وحل الصراعات لقلة الدراسات حول ذات الموضوع، وهذا ما يجعل للدراسة التي اشتغل عليها أهمية، مفيداً بأن بعض البحوث ذكرت أنه في القرن التاسع عشر بدأ الالتفات في فرنسا لدور الفن في القضايا العامة، بيد أن ازدياد الصراعات البينية داخل الدول وسع الاهتمام لإعطاء الفن التشكيلي والموسيقى دوراً أكبر في حل الصراعات وذلك منذ التسعينات أواخر القرن الماضي، مؤكداً بأن العلاقة بين الفن وقضايا المجتمعات علاقة تفاعلية فالفنان يستل فكرته من مجريات الواقع، ويحولها مرة أخرى للمجتمع في صورة معبرة للمشكلة أو للخروج من محنته، ولفت المصلي بأن الابداع في حل الصراعات البينية من خلال الفن يأتي من خلال تفعيل واستثمار بعض القيم والفنون المشتركة بين المتنازعين والاستفادة منها كوسيلة لتخفيف حدة الصراع والتأليف بينهم، كفنون الفلكلور الغنائي الشعبي.

وأخيراً تطرق الدكتور المصلي إلى النظرية الموضوعية في الفن التشكيلي للمفكر “إيتراند” والتي استند إليها المصلي في دراسته للبرهنة على وجود العلاقة بين الفن والتأثير في الصراعات والتقريب بين المجتمعات، حيث قام بمناقشة وتحليل أعمال مجموعة من الفنانين المهتمين بقضايا السلام منهم البحريني عباس الموسوي والسعودي عبد الناصر غارم والمنتج بوليفيك آرتست وآخرون مستعرضاً بالشرح بعض أعمالهم، حيث استنتج بعد ذلك ستة مراحل تمثل دور
الفنان في حل الصراعات وبناء السلام هي مرحلة الملاحظة وجمع المعلومة، ومرحلة تحديد المشكلة، ثم مرحلة الانعكاس واكتشاف الأسلوب الفني المناسب لتجسيد الفكرة، ثم مرحلة الحس القيادي، واخيراً مرحلة تأثير الفنان في الواقع.

وكانت المشاركة الثانية في الندوة للمخرج محمد سلمان الذي بدأ حديثه بالتساؤل حول مفهوم التواصل الانساني وكيف يمكن أن يحقق الفن تواصلاً انسانياً؟ مجيباً إنه لا يمكن أن يبرز دور الفن الإنساني بأشكاله المتنوعة إذا كان محصوراً في دائرة الفنانين بعضهم ببعض، مؤكداً على توفر عاملين أساسيين لإبراز إنسانية الفن هما تفاعل الفنان مع الحالات الانسانية والمجتمعية وتجسيدها في ابداعات فنية تبرز المعاناة وتقدم المعالجات، والعامل الآخر هو تجاوز الفنان للزمان والمكان والتفاعل مع المجتمعات والثقافات المتعددة لدى الشعوب، لينتقل العمل الفني إلى تفاعل متبادل بين الجمهور ومبدعي تلك الفنون

من جهة أخرى أشار المخرج سلمان إلى مشكلة موقعية الفن والفنانين لدى المجتمعات فبعضها يمثل فيها الفن حالة شعبية، ومجتمعات أخرى يغيب عنها الوعي بأهمية ودور الفن، معتبرة إياه موضوعاً خارجاً عن الاهتمام لاعتبارات دينية، في حين أن لغة الفن من أرقى وسائل التواصل الانساني والتي قد تكون مشمولة بالآية الكريمة في قولة تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، محملاً الفنانين مسئولية تفشي هذه النظرة القاصرة للفن لدى بعض الشعوب، داعياً المبدعين في الفنون المختلفة للاقتراب اكثر من هموم وقضايا المجتمعات والتي قد تكون هامشية كبعض المهن أو بعض الشرائح الاجتماعية والتي تحتاج لتسليط الأضواء على همومهم ومعالجة مشاكلهم، مشيراً إلى تجربته في هذا السياق واصفاً إياها بأنها تنتمي إلى واقع البيئة المحلية.

بعد ذلك تطرق الأستاذ محمد سلمان إلى شرح علاقة الفن بالوجود الانساني قائلاً بأن الفن هو خلاصة التجربة الانسانية في المجتمع، فالفنان ينتج العمل الفني نتيجة اداركه لما حوله وهو محصلة خبرة انسانية تفاعلية، وهو بمثابة مرآة لأي مجتمع او وجود بشري نستطيع من خلاله فهم وتحليل بيئته، وهي وسيلة وجدت مع الانسان البدائي الأول من خلال الرسم داخل الكهوف ثم تقدمت مع تطور الانسان. وفي الأخير أشار الفنان محمد سلمان إلى تأثير ثورة الاتصالات التي جعلت من الفنان ” معولماً” أي لم تعد قضاياه المحلية والخاصة شغله الوحيد، مبيناً بعض إيجابياتها فقد أتاحت للفنان توسعا في الابداع والانتشار بلا حدود جغرافية، كما سهلت دور الفن في التواصل بين اصحاب المجتمع الواحد وبين شعوب العالم، وحملت الفنان مسئولية أكبر في الانتقال بالفن من حالة الفن من أجل الفن إلى تبنيه قضايا حياتية تهم كافة المجتمعات، وباختلاف المدارس والاساليب الفنية المتغيرة بحسب الزمان والمكان.

بعد ذلك بدأت المداخلات بسؤال من الأستاذ محمد المحسن حول الهدف من انتاج أفلام خاصة بالبيئة المحلية، وأن الفنان يساهم في التغيير ولا يتحمل تغيير كل الواقع، حول دور الفنان الاجتماعي الفنان أكد الأستاذ محمد المصلي على ايجابية الاشتغال على نقل تاريخ المجتمعات والثقافات للأجيال والشعوب المختلفة، وتساءل الدكتور عبد الله العبد المحسن عن المتغيرات التي استعان بها الدكتور كميل المصلي في دراسته، الفنان جعفر الغريب أكد على قيمة تعزيز المجتمع لموقعية الفن والفنان لينصب ابداع الفنان في المسار الصحيح لقضايا المجتمع، وأشاد الأستاذ علي الحرز باهتمام المخرج محمد سلمان بالقضايا المهمشة اجتماعياً في مجموعة أعماله، الأستاذ منصور آل سلاط أشاد بالذائقة الفنية لضيفي الأمسية متسائلاً عن المدرسة الفنية التي ينتميان اليها.

ودعت الفنانة فاطمة المؤمن إلى قراءة الأعمال الفنية للأطفال لأنها عفوية وتساعد على تحليل الحالة البشرية الطبيعية، من جهته أكد الشيخ محمد عبد العال على أهمية التفاعل المتبادل بين الفنان والمجتمع محملاً الفنانين مسئولية استقطاب أفراد المجتمع نحو التفاعل مع نتاجاتهم وأنشطتهم الفنية، وعبر الشيخ محمد ابو زيد عن سعادته بالحضور والاستفادة مما طرح من افكار مشيداً باهتمام الفنانين المحليين بالقضايا الاجتماعية العامة التي برزت في السنوات الأخيرة.

وقد عقب الفنان عبد العظيم شلي على فكرة العلاقة بين الفن وحل النزاعات بالإشادة بتجربة الفنان السعودي عبد الله المرزوق في مشروعه “قوس قزح” أثناء حرب الخليج الثانية، ملفتاً النظر لاهتمام بعض الفنانين بالنبوءات كالفنان دبكس و دويا، كما عبر عن رؤيته بأن الفن يمكن تسخيره في أهداف تأجيج الصراعات كما يمكن توظيفه في حلها، كما سجل عتبه لعدم تواجد الفنانين بكثافة في مثل هذه الفعاليات التي تساهم في تطوير الرؤى وبلورة الأفكار، الفنان ميرزا الصالح أكد على رقي فن الكاريكاتير كصورة معبرة عن واقع وأحداث المجتمعات.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

التقرير على اليوتيوب:

 

المحاضرة الكاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد