استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ضمن برنامج موسمه الثقافي السادس عشر كلا من الدكتور علي الجشي مدير المراكز الصحية الأولية بالقطيف والدكتور عقيل الفردان استشاري طب الاسرة بقطاع صفوى، في ندوة تحت عنوان “المراكز الصحية الأولية … الواقع والمأمول”، والتي أدارها الدكتور علي الخباز، وذلك مساء الثلاثاء 16 ربيع الثاني 1437هـ الموافق 26 يناير 2016م، وبحضور نخبة من الأطباء والمثقفين والمهتمين بالمجالات الطبية.
وضمن الفعاليات المصاحبة لبرنامج المنتدى الأسبوعي استعرض فنان النحت الأستاذ محمد الهاشم تجربته في الانتقال بين أشكال العمل الفني إلى أن استقر في فن نحت الخط العربي ومشاركته في العديد من المعارض الفنية المتخصصة. وعلى هامش المعرض الذي أقامه في المنتدى تحدث بإسهاب عن طريقة تعبيره عن الأفكار التي يراها إبداعية وكيفية تصميمها وتنفيذها، مستعينا بأدوات وخامات من الطين والخشب وبيض النعام وإدخالها في عالم الفن. كما تم تكريم الناشطة الاجتماعية الأستاذة غالية المحروس والتي تقوم بأنشطة تطوعية إبداعية وخاصة في مجال تعليم اللغة الإنجليزية للسيدات وحصولها على لقب رائدة العمل الطوعي وعلى درع كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لغرس المواطنة. وتحدثت المحروس عن تجربتها في مجال العمل التطوعي والتجارب التي مرت بهدف بناء وتأهيل أبناء وبنات المجتمع.
بدأ الدكتور علي الخباز الندوة بتعريفه للضيفين وهما الدكتور علي الجشي استشاري طب الاسرة ومدير مراكز الرعاية الصحية الأولية بالقطيف وعضو ممثل للصحة بالمجلس المحلي والذي تخرج من جامعة الخليج العربي بالبحرين، حيث عمل بمراكز الرعاية الصحية الأولية بالقطيف قبل أن يلتحق ببرنامج الزمالة السعودية لطب الاسرة ويعود ليزاول العمل مجددا بمراكز القطيف. أما الدكتور عقيل الفردان فهو استشاري طب الأسرة ومدير العيادات المرجعية لطب الاسرة بقطاع صفوى، والذي تخرج من جامعة الملك فيصل بالدمام والتحق ببرنامج الزمالة السعودية لطب الاسرة.
استهل الدكتور الجشي حديثه حول مفهوم طب الاسرة بصورة عامة معرفا طبيب الاسرة هو طبيب متخصص في تقديم خدمات الرعاية الصحية الشاملة طبياً ونفسياً واجتماعياً، وكذلك الخدمات الوقائية ويتميز طبيب الأسرة بمقدرته على التدريب والتحليل والاستنتاج وكذلك ارتباطه الاجتماعي بكافة مؤسسات المجتمع المدني لتقديم الخدمة الشمولية للمريض. كما عرف الصحة بأنها حالة من الاكتمال الجسماني والعقلي والاجتماعي التي تمكن الفرد ومجتمعه من العمل والإنتاج وليست فقط الخلو من المرض والعاهات.
وتحدث الجشي أيضا عن نماذج من الأنظمة الصحية العالمية كالولايات المتحدة الامريكية وكندا والدول الاسكندنافية، كما أشار إلى أن انطلاق فكرة المراكز الصحية جاءت نتيجة لمقررات مؤتمر المآتا والذي عقدته منظمة الصحة العالمية في سبتمبر 1978م، وأصدر توصية بتحديد هدف صحي عالمي وهو حصول جميع شعوب العالم على مستوى من الصحة يسمح لهم بمزاولة حياة مثمرة اجتماعياً واقتصادياً تحت شعار (الصحة للجميع بحلول عام 2000م)، واعتبار الرعاية الصحية الأولية هي الوسيلة الأفضل لتحقيق الصحة للجميع. بعد ذلك تطرق الدكتور علي الجشي للحديث عن المراكز الصحية الأولية في قطاع القطيف، وذكرأنها تتكون من 31 مركزا، منها 14مبنى حكومي و17مبنى مستأجر، بأجمالي عدد موظفين يربو على الألف موظف. واستعرض أهم الخدمات التي تقدمها هذه المراكز الصحية الأولية في مجالات عدة منها الطب العام، لعيادات الاستشارية، خدمات الاسعافات الأولية، رعاية الأمومة، المراقبة الوبائية والأمراض المزمنة.
واختتم الدكتور حديثه باستعراض أبرز التحديات التي تواجه المراكز الصحية الأولية ولخصها في عدالة توزيع الخدمات الصحية، الارتقاء بمستوى الخدمة ومقدميها، ثقافة العمل. وأشاد بالتعاون القائم بين هذه المراكز وبين مستشفى القطيف المركزي والتي تعتبر نموذجية، موضحا أن عدد مراجعي مراكز الصحة الأولية بلغ حوالي 900 ألف مراجع خلال عام واحد، وأشار الى الجهود المبذولة لفصل المراكز المزدحمة وتحويل المراجعين لمراكز مستحدثة، وكذلك صعوبة انشاء مراكز صحية في المخططات الحديثة.
بدأ الدكتور عقيل الفردان والتي عنونها بدور المجتمع في تعزيز الصحة، مبتدئا بتعريف مصطلح تعزيز الصحة بأنها العملية التي تمكن الأشخاص من السيطرة على صحتهم، وعواملها الحاسمة، وما يترتب عليه من تحسين صحتهم. وأشار إلى أهمية الحديث عن تعزيز الصحة كطريقة وقائية عن المرض، مستشهدا بأن الخمول البدني يسبب حوالي 27٪ من داء السكري، و30٪ من مرض القلب الإقفاري، و21٪ – 25٪ من سرطان الثدي والقولون.
وأشار إلى أن النشاط البدني من العوامل الأساسية في تحقيق توازن الطاقة والسيطرة على الوزن، وأن التقديرات الأخيرة توضح أن حوالي 31٪ من سكان العالم لا يمارسون المقدار الموصى به من النشاط البدني لاغتنام فوائده الصحية الوقائية. وتحدث عن الإحصائيات الموجودة في السعودية والتي قدرت أن ما نسبته حوالي 70% من الإناث و60% من الذكور البالغين لديهم نقص في النشاط البدني. وأوضح الفردان بأن فهم المشكلة هو أساس الحل، مستعرضا أهم الأسباب والعوائق التي تحول دون ممارسة النشاط البدني في إقليم شرق المتوسط، ولخصها في المزاحمة لمطالب الأسرة، طول ساعات العمل، ثقل أعباء العمل المدرسي، عدم وجود مرافق ترفيهية بأسعار معقولة، عدم وجود أماكن للقيام بالنشاط البدني خارج المنزل، عدم كفاية نظم النقل العام والاعتماد الكبير على السيارات، عدم الشعور بالأمان وأخيرا صعوبة الأحوال المناخية.
وفي ختام حديثه أكد على أن جميع الأجهزة الحكومية مسئولة للقيام بدور فاعل في مجابهة التحدي الصحي عبر سلسلة تغييرات جذرية تمكننا جميعا من الحفاظ على صحتنا وصحة أبنائنا، وناقش مفصلا العديد من المشاريع التي تدعم النشاط البدني وتهيأ بيئة صحية جيدة ولا تحتاج إلى ميزانيات مثل سن قوانين للحد من سمنة الأطفال وخاصة في الوجبات المدرسية ووجبات الأطفال، مراقبة نوعية وجودة الزيوت المستخدمة في الصناعات الغذائية، تفعيل إشارات المشاة لضمان السلامة، تهيأة مضامير المشي في الكورنيش والحدائق العامة وداخل الأحياء، تخطيط الحدائق بصورة تراعي بذل المجهود، وتفعيل دور الأندية الرياضية لجذب الناس، وتعزيز الصحة في مواقع العمل.
بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور، فتحدث الدكتور حسين الخباز عن مبادرة المدن الصحية والتي قدمها للمسئولين في المحافظة كي تكون مشروعا مستقبليا يتم تطبيقه فيها، بحيث يحقق مستوى أفضل للصحة العامة بين المواطنين. وعلق الأستاذ ميرزا العلوان عن طريقة ضمان عدد مناسب من المراكز الصحية للمواطنين والمجتمع، بحيث تغطي الحاجة الفعلية، كما تحدث الأستاذ جعفر الصفار عن مشكلة تعثر تنفيذ مشاريع المراكز الصحية، وكذلك حول ضرورة الاستغناء عن المباني المستأجرة. وطرحت الأستاذة سلوى آل سيف استفسارا عن مسئولية الممرضة الصحية المدرسية والتي تم ربطها بالمراكز الصحية بدلا من الوحدات الصحية المدرسية، مشيرة إلى أهمية أن تكون ملمة بالتاريخ الصحي للطالب أو الطالبة بالمدارس.
وأشار الأستاذ محمد التركي إلى مشكلة نقص اللوازم الصحية ومدة صلاحية الأدوية العلاجية، موضحا أن الكادر الطبي ليس لديهم أي اطلاع على حقوقهم، ويشكون من قلة الدورات التدريبية المجانية. وتساءل الأستاذ عاطف الاسود عن الكيفية التي تتم بها مكافحة العدوى، وهل هناك دورات تدريبة للعمال والموظفين. وعلق الأستاذ عيسى العيد حول ضعف برنامج التثقيف الصحي وسبل تفعيله، وكذلك أهمية استخدام التقنية في تبادل المعلومات في المراكز الصحية.
وأوضح الأستاذ أحمد الخرمدي أهمية دور المجتمع في تعزيز الرعاية المنزلية وضرورة التعاون مع المراكز الصحية لتوفير ذلك. وطرح الأستاذ عبد الله شهاب الألية التي تتبعها وزارة الصحة في اعتماد مراكز صحية جديدة. وتحدث الأستاذ فتحي البنعلي عن آثار الضغط الكبير على المستشفيات والذي يرجع لقلة توفر الامكانيات بالمراكز الصحية، كما تساءل الدكتور حسن البدراني عن إجراءات العلاج بأجر وأين تذهب الإيرادات المحصلة، وعن آلية توزيع أجهزة الأشعة للمراكز الصحية.
واختتم راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الندوة بشكره للمتحدثين فيها، موضحا الأهمية البالغة لمشاركة مسئولي القطاعات الخدمية في التواصل مع المواطنين لتعريفهم بالخدمات التي تقدمها اداراتهم وكذلك الدور المسئولية التي ينبغي على المواطنين المساهمة بها في هذه المجالات
المحاضرة الكاملة: