في حفل جماهيري حاشد، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي حفلا بمناسبة اليوم الوطني التاسع والثمانين وسط حضور مميز ومشاركة من المثقفين وذلك مساء يوم الاثنين 23 سبتمبر 2019م الموافق 24 محرم 1441هـ تحت عنوان “الوطن وتعزيز المواطنة”، وتنوعت فقرات الحفل ببصمته الثقافية بين مشاركات شعرية وكلمات معبرة حول تنمية الروح الوطنية ومفهوم المواطنة، كما عكست أبعادا مختلفة وجميلة من مشاعر وأفكار المثقفين عن الوطن وتطلعاتهم الطموحة له. وكانت ضيف شرف الأمسية الدكتورة مها العلي عضو الهيئة الاستشارية للمنتدى.
ورافقت الأمسية فعاليات مصاحبة منها عرض فيلم قصير يعكس أبرز الانجازات الوطنية، وكلمة للكاتبة سهام الخليفة عن كتابها الذي وقعته بالمنتدى “ألم وأمل: بدأت حكاية” أشارت فيها إلى تجربتها في الكتابة التي تعبر عن قصة حقيقية مع ابنها المريض، كما تحدثت الفنانة رقية المتروك عن تجربتها الفنية وتجسيد علاقة الانسان بالحيوان في تفاعلاته العاطفية، وتطلعاتها لدعم فناني المنطقة بايجاد صالات عرض ومعاهد فنية. واستعرضت الدكتورة رقية المزراق مسيرتها في الانجازات العلمية في مجال التحور المناعي لكريات الدم الحمراء وحصولها على العديد من الجوائز العلمية في هذا المجال الحيوي.
قدم الحفل الشاعر أديب أبو المكارم مبتدءا بكلمة عن ذكرى توحيد المملكة عن تأكيد التفاعل الجماهيري مع هذه المناسبة الوطنية، مزينا إياها بأبيات شعرية وارفة بين الفقرات. وألقى كلمة المنتدى الأستاذ جعفر الشايب مؤكدا على ضرورة تعميق مفهوم المواطنة باعتبارها أحد أبرز المفاهيم ذات الأبعاد القيمية التي تهدف إلى تأكيد العلاقة السليمة بين الفرد المواطن وبين وطنه من قيادة وأفراد ومحيط، وتحدد طبيعة هذه العلاقة التي يشوبها بعض الالتباسات والتداخل أحيانا، مما ينتج عنه مضاعفات خطيرة قد تهدد تماسك المجتمع ووحدة الوطن. وأكد في كلمته على ضرورة عدم الانحباس في ذكر الأمجاد بل النظر للمستقبل والتطلع إلى ما ينبغي أن يكون عليه الوطن، والاجتهاد للوصول إلى مواقع متقدمة في مصاف دول العالم، وذلك من خلال العزيمة الجادة والارادة القوية وشحذ الهمم ووضع الخطط المناسبة.
تلى ذلك كلمة للشخصية الدينية والاجتماعية الشيخ حسين الصويلح الذي بدأها بكلمة الامام علي بن ابي طالب “ع” (عمرت البلدان بحب الأوطان)، مؤكدا على أن هذه المناسبة فرصة مهمة لصنع ثقافة تحافظ على الروح الوطنية، وأشار إلى أن الكل عليه واجب العطاء والاخلاص للوطن، والتعامل الايجابي مع شركائه في الوطن والتضحية والدفاع عنه، وشكر إدارة المنتدى على الاحتفاء بهذه المناسبة ليصبح مفخرة للوطن المتواصل بعطائه.
بعدها قدم الشاعر ياسر الغريب قصيدة رائعة عن الوطن بعنوان “وطن الذاكرة … وطن المخيلة”، سبق وأن فازت بجائزة وطنية، ونالت اعجاب الحضور وجاء في مطلعها:
من بئر ذاكرتي ارتشفت جماله ورأيت في أقصى السماء خياله
واذا حملت هواه بين جوانحي فكأنما اختصر الفؤاد مثاله
أمشي كأن الأبجدية لم تكن إلا بما باح التراب وقاله
خطواتي الولهى مسافة عاشق غنى فألهب بالجوى صلصاله
وتحدث الأستاذ حسين الحاجي، مدير المصرفية المميزة ببنك الرياض، في كلمته عن أهمية التلاحم والتواصل بين مكونات الوطن مشددا على ضرورة الوقوف صفا واحدا وتعزيز المشتركات الوطنية وتجاوز كل الفروقات، شاكرا المنتدى على مبادراته المتميزة وعطائه المتواصل. وتناول الناشط الاجتماعي الدكتور مهدي الطاهر، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة الامام عبد الرحمن بن فيصل، أهمية هذه المناسبة التي تجمع الاطياف لتشترك ببناء الوطن مؤكدا أن المناسبة فرصة لتأكيد ومعرفة الحقوق والواجبات مطالبا بضرورة سن القوانين التي تجرم المساس بوحدة الوطن، ليبقى الوطن فوق كل الانتماءات التجزيئية كالقبلية والمناطقية والمذهبية وغيرها، وتحدث عن أهمية إطلاق مبادرات وطنية لتعزيز هذه المفاهيم وتكريسها بين أبناء الوطن.
وصدح الكاتب والمحامي جمال آل حمود بقصيدة شعرية حماسية بمناسبة اليوم الوطني بعنوان “يوم للوطن”، يقول فيها:
شرفت بالبيت تفضيلا وتكرمة من ذا يدانيك في عيش وفي سكن
في مكة اختاره الرحمن فانطلقت للحق رايات في سر وفي علن
للدين قد أسست أركان فيه فلا آثار للشرك ظلت فيه أو وثن
والمصطفى خير خلق الله قاطبة قد خصه الله في وحي وفي سنن
بعد ذلك قدم اللواء عبد الله البوشي، الشخصية الاجتماعية المعروفة ومدير عام السجون بالشرقية سابقا كلمة أشاد فيها بالانجازات التي تحققت في المملكة والمسيرة الطويلة من البناء، مطالبا بأهمية الحفاظ على هذه الانجازات والعمل سويا لتقدم الوطن ورفعته، ومؤكدا على أهمية التعارف والتآلف بين الجميع. وشارك الاعلامي والأكاديمي الدكتور فيصل عزام بكلمة أشاد فيها بالاحتفالات التي تسود مختلف مناطق المملكة في هذا اليوم والتي تعبر عن روح وطنية وحدوية تنعكس على التفاعل الكبير والتقارب بين مختلف المواطنين وعن مدى الانسجام بين الشعب والقيادة، مشددا على أهمية تعزيز المكتسبات القائمة.
وتحدث الأديب والاستشاري في مجال الإدارة الأستاذ حسن الزاير عن معنى المواطنة بمفهومها الاجتماعي وتطبيقاتها الميدانية مستعرضًا نماذج من العطاء كالتبرع بالاعضاء من قبل اشخاص من منطقة لآخرين في منطقة أخرى قد لا يعرفونهم، غير أن ما يجمعهم هو الانتماء للمملكة، أو التطوع للعمل بمؤسسات تخدم كافة ارجاء الوطن، وختم كلمته بقصيدة للشاعر أحمد الماجد جاء فيها:
لو لم يكن أرضا لكان موسيقى من كأس ناي المعجزات أريقا
أضمرته فغدا ندة، فتأهبت أزهاره شوقا فسال رقيقا
صافحته بيد الدلالة، لم أعد إلا فقدت أصابعي إبريقا
ورسمته بنبوءة فأحالني أسطورة وأحاله فينيقا
واعتلت المنصة بعد ذلك ضيف شرف الأمسية وعضو الهيئة الاستشارية للمنتدى الدكتورة مها العلي، والتي تنقلت في عدة مهام تربوية وتعمل حاليا أخصائية علاج نفسي، وتحدثت عن أشكال المبادرات الوطنية التي تعزز التلاحم والتفاهم والوحدة، مشيرة إلى تجربة منتدى الثلاثاء الثقافي الذي ينظم مئات الندوات واللقاءات والفعاليات الثقافية على مدار العام جاعلا منها إطارا للجدل والحوار فيما يتعلق بالشأن الوطني بأبعاده الثقافية والاجتماعية المختلفة، وشكرت هذه الجهود الكبيرة مؤكدة على تطلع المنتدى ليكون مركزا ثقافيا وطنيا يحتوي أنشطة وبرامج متنوعة وفعالة.
وشارك الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحماد بكلمة عن قيمة الوطن وعن مفهوم الكفاية في مقابل السعي للكمال، فما هو متحقق في الوطن يعتبر انجازا كبيرا على الصعيد الاقتصادي والأمني وهو ما يميزه عن غيره من البلدان الاقليمية، وعليه ينبغي أن نبني على ما هو قائم ونتطلع للتحسين والتطوير والعمل المشترك. وتناول الدكتور محمد العسكر في كلمته أهمية ترسيخ مجموعة من القيم التي تساهم في المحافظة على الانجازات الوطنية وتدعم تطورها منها الشفافية والمحاسبة ومكافحة الفساد إضافة لتفعيل دور بعض المؤسسات كأن يكون أعضاء مجلس الشورى قريبين من المواطنين، وأن تمارس هذه المؤسسات دورها الحقيقي كي تساهم في تقدم الوطن.
وفي نهاية اللقاء شكر مقدم البرنامج جميع المشاركين من متحدثين وحضور، ومكرمين في الفعاليات، مؤكدا على أخذ رسائل هامة من هذا اللقاء الوطني كضرورة التآلف والتعايش والتواصل الايجابي، والتطلع دوما إلى التقدم والازدهار.
لمشاهدة المزيد من الصور اضغط هنا
التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة على اليوتيوب:
كلمة الدكتورة رقية المزراق:
كلمة الكاتبة سهام الخليفة: